للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

سهر أهل النار في النار مع خلود الأبد، وإياك أن ينصرف بك من عند الله فيكون آخر العهد وانقطاع الرجاء. قال: فلما قرأ الكتاب طوى البلاد حتى قدم على عُمَر بْن عبد العزيز، فَقَالَ له: ما أقدمك؟ قال: خلعت قلبي بكتابك لا أعود إلى ولاية حتى ألقى الله عزوجل. قال: فبكى هارون بكاء شديدا ثم قال له: زدني رحمك الله. فَقَالَ: يا أمير المؤمنين إن الْعَبَّاس عم المصطفى صلى الله عليه وسلم جاء إلى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أمرني على إمارة. فَقَالَ له النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ: (إِنَّ الإمارة حسرة وندامة يوم القيامة فإن استطعت أن لا تكون أميرا، فافعل (١) فبكى هارون بكاءا شديدا، فَقَالَ: زدني رحمك الله.

فَقَالَ: يا حسن الوجه أنت الذي يسألك الله عَنْ هذا الخلق يوم القيامة، فإن استطعت أن تقي هذا الوجه من النار فافعل وإياك أن تصبح وتمسي وفي قلبك غش لأحد من رعيتك. فإن النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم، قال: (من أصبح لهم غاشا لم يرح رائحة الجنة) (٢) فبكى هارون، وَقَال له: عليك دين؟ قال: نعم دين لربي لم يحاسبني عليه، فالويل لي إن سائلني والويل لي إن ناقشني،


(١) حديث العباس هذا لا يصح متصلا والمفحوط أنه مرسل والمفحوط في هذا المعنى حديث أبي ذر عند مسلم (١٨٢٥) ، وحديث عبد الرحمن بن سَمُرَة عند البخاري (١٣ / ١١٠) ومسلم (١٦٢٥) وحديث أبي هُرَيْرة عند البخاري ١٣ / ١١١ والنَّسَائي، وأحمد ٢ / ٤٧٦ (وانظر تخريجه للعلامة شعيب الارنؤوط) في التعليق على السير: ٨ / ٣٧٩ - ٣٨٠.
(٢) متفق عليه، أخرجه البخاري ومسلم.