للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والويل لي إن لم ألهم حجتي. قال: إنما أعني من دين العباد. قال: إن ربي لم يأمرني بهذا أمرني أصدق وعده، وأطيع أمره، فقال عزوجل: (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون. ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يطعمون. إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين) (١) فَقَالَ له: هذه ألف دينار خذها فأنفقها على عيالك وتقو بها على عبادة ربك. فَقَالَ: سبحان الله أنا أدلك على طريق النجاة وأنت تكافئني بمثل هذا؟ ! سلمك الله ووفقك. ثم صمت فلم يكلمنا فخرجنا من عنده، فلما صرنا على الباب، قال هارون: أبا عَبَّاس (٢) إذا دللتني على رجل فدلني على مثل هذا، هذا سيد المسلمين. فدخلت عليه امرأة من نسائه فقالت: يا هذا قد ترى ما نحن فيه من ضيق الحال، فلو قبلت هذا المال فتفرجنا بِهِ. فَقَالَ: إنما مثلي ومثلكم كمثل قوم لهم بعير يأكلون من كسبه، فلما كبر نحروه فأكلوا لحمه، فلما سمع هارون هذا الكلام، قال: ندخل فعسى أن يقبل المال. فلما علم الفضيل خرج فجلس في السطح على باب الغرفة فجاء هارون فجلس إلى جنبه فجعل يكلمه فلا يجيبه، فبينا نحن كذلك إذ خرجت جارية سوداء فقالت: يا هذا قد آذيت الشيخ منذ الليلة فانصرف رحمك الله فانصرفنا.

وَقَال هارون بْن إِسْحَاق الهمداني: حَدَّثَنِي رجل من أهل


(١) الذاريات (٥٦ - ٥٨) .
(٢) قوله (أبا عباس) سقط من المطبوع.