للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الهاشمي: كَانَ يَحْيَى بْن سَعِيد خفيف الحال، فاستقضاه أَبُو جَعْفَر، وارتفع شأنه، فلم يتغير حاله، فقيل له في ذلك، فقال: من كانت نفسه واحدة لم يغيره المال.

وَقَال أَحْمَد بْن سَعِيد الدارمي: سمعت أصحابنا يحكون عَنْ مَالِك بْن أَنَس، قال: مَا خرج منا أحد إلى العراق إلا تغير غير يَحْيَى بْن سَعِيد، ولم يرجع على مَا كَانَ عليه إلا يَحْيَى بْن سَعِيد.

وَقَال عبد الرحمن بن القاسم، عَنْ مَالِك: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْن سَعِيد أنه كَانَ بإفريقية، قال: فأردت حاجة من حوائج الدنيا. قال: فدعوت فيها ورغبت ونصبت واجتهدت. قال: ثُمَّ ندمت بعد ذَلِكَ فقلت: لو كَانَ دعائي هذا فِي حاجة من حوائج آخرتي. قال: فشكوت إلى رجل كنت أجالسه، فَقَالَ لي: لا تكره ذَلِكَ فإن الله قد بارك لعبد فِي حاجة قد أذن له فيها بالدعاء.

وَقَال مُحَمَّد بْن سعد (١) ، عن مُحَمَّد بن عُمَر: أخبرني سُلَيْمان ابن بلال، قال: خرج يَحْيَى بْن سَعِيد إلى إفريقية بمركبين فِي ميراث له، وطلب له رَبِيعَة بْن أَبي عَبْد الرَّحْمَنِ البريد، فركبه إلى إفريقية، فقدم بذلك الميراث وهو خمس مئة دينار، قال: فأتاه الناس يسلمون عليه، فأتاه رَبِيعَة فسلم عليه، فلما أراد ربيعة أن يقول حبسه، فلما ذهب الناس أمر بالباب فأغلق ثُمَّ دعا بمنطقته، فصبها بين يدي رَبِيعَة، وَقَال: يا أَبَا عُثْمَان والله الذي لا إله إلا هُوَ مَا غيبت منها دينارا إلا شيئا أنفقناه فِي الطريق. ثم عد خمسين


(١) طبقاته: ٩ / الورقة ٢٢١