للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وحملهم من عظائم الامور أمرا ليس هينا، وجرهم إلى ما كان التباعد عنه أولى بهم، وأوقعهم في دكادك من نار المرجو من الله أن يتجاوزها لهم ولاصحابهم" (١) . وهذه النصوص تشير إلى قدم هذه العلاقة التي ابتدأت منذ أيام الطلب، وأخذت تنمو على مرور الايام، فتزيد متانة وصلابة.

وهكذا تكون فكر الحافظ المزي، فهو شافعي المذهب، سلفي العقيدة، أخلص الاخلاص كله لرفيقه ابن تيمية وآرائه التجديدية، وجعله مثله الاعلى، ويظهر ذلك جليا من دراسة سيرتيهما، فقد أوذي المزي بسبب ذلك: أوذي مرة، واختفى مدة من أجل تحديثه بتاريخ بغداد للخطيب البغدادي (٢) ، وأوذي ثانية في رجب من سنة (٧٠٥) حينما تناظر ابن تيمية مع الاشاعرة عند نائب السلطنة الافرم، وقرئت عقيدة ابن تيمية الواسطية وحصل البحث في أماكن منها، ثم اضطر المناظرون له إلى قبولها بعد أن أفحمهم شيخ الاسلام، فقعد المزي عندئذ تحت قبة النسر بجامع دمشق، وقرأ فصلا بالرد على الجهمية من كتاب"أفعال العباد"للامام البخاري بعد قراءة ميعاد البخاري، فغضب بعض الفقهاء الشافعية الحاضرون، وَقَالوا: نحن المقصودون بذلك، وشكوه إلى القاضي الشافعي نجم الدين أحمد بن صصرى، وكان عدوا للشيخ ابن تيمية، فسجن المزي، فبلغ الشيخ تقي الدين ذلك


(١) الطبقات: ١٠ / ٤٠٠ وهذا الكلام جزء من كلامه في هؤلاء الرفقة من الأئمة الاعلام ولاسيما في شيخه الذهبي بحيث قال فيه: والذي أدركنا عليه المشايخ النهي عن النظر في كلامه وعدم اعتبار قوله، ولم يكن يستجري أن يظهر كتبه التاريخية إلا لمن يغلب على ظنه أنه لا ينقل عنه ما يعاب عليه" (الطبقات: ٢ / ١٤ ١٣) ، قال ذلك وشحن كتابه الطبقات من كتب الذهبي إذ كان معتمده الرئيس!
وكان السبكي أشعريا جلدا بحيث قال فيه عز الدين الكناني"ت ٨١٩": هو رجل قليل الادب، عديم الانصاف جاهل بأهل السنة ورتبهم" (الاعلان للسخاوي: ٤٦٩ فما بعد، ومعجم الشافعية لابن عبد الهادي، الورقة: ٤٨ ٤٧ (الظاهرية) ، وانظر مناقشتنا لاقواله في الفصل الذي كتبناه عن"النقد"عند الذهبي من كتابنا: الذهبي ومنهجه، وخاصة: ٤٥٨ فما بعد) .
(٢) أعيان العصر: ١٢ / الورقة: ١٢٤.