للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حَدَّثَنَا عَبد اللَّهِ بْنُ رَجَاءَ، عن هشام بْن حسان، قال: بكى يزيد الرقاشي أربعين عاما حتى تساقطت أشفاره، وأظلمت عيناه، وتغيرت مجاري دموعه.

عَنْ عُبَيد اللَّهِ بْن مُحَمَّد العيشي، قال: حَدَّثَنَا إسماعيل بْن ذكوان، قال: كَانَ يزيد الرقاشي إن دخل بيته بكى، وإن جلس إليه إخوانه بكى وأبكاهم، فقال لَهُ ابنه يوما: كم تبكي يَا أبة، والله لو كَانَت النار خلقت لك ما زدت على هذا البكاء، فقال: ثكلتك أمك يَا بني وهل خلقت النار إلا لي ولأصحابي ولأَخُواننا من الجن، أما تقرأ يا بني (سنفرغ لكم أيها الثقلان) (١) ، أما تقرأ يَا بني (يرسل عليكما شواظ من نار ونحاس فلا تنتصران) (٢) فجعل يقرأ عَلَيْهِ حتى انتهى، يعني إلى قوله (يطوفون بينها وبين حميم آن) (٣) فجعل يجول فِي الدار ويصرخ ويبكي حتى غشي عَلَيْهِ، فقالت للفتى أمه: يَا بني ما أردت بذا من أبيك؟ قال: إني والله إنما أردت أن أهون عَلَيْهِ، لم أرد أن أزيده حتى يقتل نفسه.

وعن مجالد بْن عُبَيد اللَّهِ الباهلي: قال: حَدَّثَنِي عَبْد النور بْن يزيد بْن أبان، قال: كَانَ أَبِي يبكي ويقول لأصحابه: ابكو اليوم قبل الداهية الكبرى، ابكوا اليوم قبل أن تبكوا غدا، ابكوا اليوم قبل أن لا يغني البكاء، ابكوا على التفريط أيام الدنيا. قال: ثم يبكي حتى يرفع صريعا من مجلسه.


(١) الرحمن: ٣١.
(٢) الرحمن: ٣٥.
(٣) الرحمن: ٤٤.