للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يا أبا الخطاب، اتق اللَّه. فقَالَ: وجدتها بدار مضيعة:

تعدو الذئاب عَلَى من لا كلاب لَهُ •

وتتقي حوزة المستنفر الحامي (١)

وجدتها بدار مضيعة، ثم دخل، فلم نلبث أن دخلنا عَلَى بلال، فقَالَ لنا: اخرجوا، وبقي ابن عون وقتادة، فقَالَ لَهُ بلال: طلقها. فقَالَ: هي طالق، فقَالَ: طلقها ثلاثاً: فقال: واحدة تبينها مني، فقَالَ: أتعلمني، وأنا ابن أَبي مويس، صاحب رَسُول اللَّهِ صلى الله عَلَيْهِ وسَلَّمَ، فقَالَ: هي طالق ثلاثا، فقَالَ: يا أبا الخطاب، فِي هذا شيء أكبر من هذا؟ فقَالَ: قد كانت الولاة تؤدب فِي هذا وتعزر فِي هذا. فأمر بضربه، ونحن نراه يضربه سوطين أو ثلاثة، فضربه أربعة وأربعين سوطا. ونحن نعدها، ثم خرج، قال: قال أَبِي: وكان عليه إزار صغير. فكنت آوي لَهُ من قصره وإذا الدم يسيل.

قال: وحَدَّثَنَا خلاد بْن يزيد قال: حَدَّثَنِي يونس بْن حبيب قال: أمر بلال، فنودي: الصلاة جامعة"، فرأيت ابن عون يزاحم عَلَى باب المقصورة، وقد ضربه بلال، وصنع بِهِ ما صنع، فاغتظت عليه، وقلت في نفسي: دق اللَّه جنبيك.

قال: وحَدَّثَنِي من لا أحصي من علمائنا، أن قتادة لما ضرب ابن عون، قال: أنت أيضا فتزوجها سدوسية.

قال: ويُقال: إن بلالا تعصب لقتادة للسدوسية، لأن بني


(١) البيت من قصيدة للنابغة الذبياني في "شرح الاشعار الستة"للاعلم الشنتمري مطلعها:
قالت بنو عامر خالوا بني أسد • يا بؤس للجهل ضرارا لاقوام.