للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يا ابن رَسُول اللَّهِ، لم جعل الموقف من وراء الحرم، ولم يصير في المشعر الحرام؟ فقال: الكعبة بيت الله عزوجل، والحرم حجابه، والموقف بابه، فلما قصده الوافدون، أوقفهم بالباب يتضرعون، فلما أذن لهم بالدخول، أدناهم من الباب الثاني وهو المزدلفة، فلما نظر إلى كثرة تضرعهم وطول اجتهادهم رحمهم، فلما رحمهم، أمرهم بتقريب قربانهم، فلما قربوا قربانهم، وقضوا تفثهم (١) ، وتطهروا من الذنوب التي كانت (٢) حجابا بينه وبينهم أمرهم بالزيارة ببيته على طهارة منهم له، قال: فَقَالَ له: فلما كره (٣) الصوم أيام التشريق؟ فَقَالَ: إن القوم في ضيافة اللَّه عزوجل، ولا يجبب علي الضيف أن يصوم عند من أضافه، قال: قلت: جعلت فداك فما بال الناس يتعلقون بأستار الكعبة وهي خرق لا تنفع شيئا؟ فَقَالَ: ذلك مثل رجل بينه وبين رجل جرم فهو يتعلق بِهِ ويطوف حوله رجاء أن يهب له ذلك الجرم.

أَخْبَرَنَا بذلك أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْبُخَارِيِّ الْمَقْدِسِيُّ، قال: أَنْبَأَنَا أَبُو مُحَمَّدِ بْن أَبي بَكْر بْن أَبي القاسم ابن الطويلة، وأَبُو الْقَاسِمِ سَعِيد بْن مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّد بْن عطاف الهمداني كتابة من بغداد، قالا: أخبرنا الحافظ أبو القاسم


(١) التفث: في المناسك ما كان من نحو قص الاظفار والشارب وحلق الرأس والعانة ورمي الجمار ونحر البدن وأشباه ذلك.
(٢) من نسخة دار الكتب أخلت بها نسخة ابن المهندس.
(٣) أي حرم، لما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم من النهي عن صوم أيام التشريق، والسلف كانوا يستعملون الكراهة في معناها الذي استعملت به في كلام الله ورسوله (راجع تفصيل ذلك في التعليق على سير أعلام النبلاء: ٦ / ٢٦٥) .