الْخَبَرَ، فَقَالَ: ادْخُلا عَلَيْهِ، فَانْظُرَا إِنْ أَحْبَبْتُمَا، فَمَضَيَا حَتَّى دَخَلا عليه، فلسما، ونَظَرَ إِلَيْهِمَا الْوَلِيدُ، فَأَخَذَ كُلَّ شَيْءٍ كَانَ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَأَدْخَلَهُ تَحْتَ السَّرِيرِ، فَأَقْبَلا حَتَّى جَلَسَا، فَقَالَ لَهُمَا: مَا جَاءَ بِكُمَا، قَالا: مَا هَذَا الَّذِي تَحْتَ السَّرِيرِ، ولَمْ يَرَيَا بَيْنَ يَدَيْهِ شَيْئًا، فَأَدْخَلا أَيْدِيَهُمَا تَحْتَ السَّرِيرِ، فَإِذَا هُوَ طَبَقٌ عَلَيْهِ قِطْفٌ مِنْ عِنَبٍ قَدْ أَكَلَ عَامَّتَهُ فَاسْتَحْيَيَا، وقَامَا، فَأَخَذَا يُظْهِرَانِ عُذْرَهُ ويَرُدَّانِ النَّاسَ عَنْهُ، ثُمَّ لَمْ يَرْعَهُمَا مِنَ الْوَلِيدِ إِلا وقَدْ أَخْرَجَ سَرِيرَهُ فَوَضَعَهُ فِي صَحْنِ الْمَسْجِدِ، وجَاءَ سَاحِرٌ يُدْعَى بِطْرُونِيُّ وكَانَ ابْنُ الْكَلْبِيِّ يُسَمِّيهِ الْبُشْتَانِيُّ مِنْ أَهْلِ بَابِلَ، فَاجْتَمَعَ إِلَيْهِ النَّاسُ، فَأَخَذَ يُرِيهُمُ الأَعَاجِيبَ، يُرِيهِمْ حَبْلا فِي الْمَسْجِدِ مُسْتَطِيلا، وعَلَيْهِ فِيلٌ يَمْشِي ونَاقَةٌ تَخُبُّ وفَرَسٌ يَرْكُضُ، والنَّاسُ يَتَعَجَّبُونَ مِمَّا يَرَوْنَ، ثُمَّ يَدَعُ ذَلِكَ ويُرِيهِمْ حِمَارًا يجئ يَشْتَدُّ حَتَّى يَدْخُلَ مِنْ فِيهِ، فَيَخْرُجَ مِنْ دُبُرِهِ (١) ثُمَّ يَعُودُ فَيَدْخُلُ مِنْ دُبُرِهِ فَيَخْرُجُ مِنْ فِيهِ، ثُمَّ يُرِيهِمْ رَجُلا قَائِمًا ثُمَّ يَضْرِبُ عُنُقَهُ فَيَقَعُ رَأْسُهُ جَانِبًا، ويَقَعُ الْجَسَدُ جَانِبًا ثُمَّ يَقُولُ لَهُ: قُمْ فَيَرَوْنَهُ يَقُومُ وقَدْ عَادَ حَيًّا كَمَا كَانَ، فَرَأَى جُنْدُبُ بْن كَعْبٍ ذَلِكَ، فَخَرَجَ إِلَى مَعْقِلٍ مَوْلًى لَصَقْعَبِ بْنِ زُهَيْرِ بْنِ أَنَسٍ الأَزْدِيِّ وكَانَتْ عِنْدَهُ سُيُوفٌ، وكَانَ مَعْقِلُ صَيْقَلا، فَقَالَ: أَعْطِنِي سَيْفًا قَاطِعًا، فَأَعْطَاهُ إِيَّاهُ، فَأَقْبَلَ، فَمَرَّ عَلَى مِعْضَدٍ التَّيْمِيّ مِنْ بَنِي تَيْمِ اللَّه مِنْ ثَعْلَبَةَ، فَقَالَ لَهُ: أَيْنَ تُرِيدُ يَا أَبَا عَبد اللَّهِ؟ قال: أُرِيدُ أَنْ أَقْتُلَ هَذَا الطَّاغُوتَ الَّذِي النَّاسُ عَلَيْهِ عُكُوفٌ، قال: مَنْ تَعْنِي؟ قال: هَذَا الْعِلْجَ السَّاحِرَ الَّذِي سَحَرَ أَمِيرَنَا الْفَاجِرَ الْعَاتِي، فَإِنِّي واللَّهِ لقد مثلت
(١) الدبر: بضم الباء: وبالتسكين أيضا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute