للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أخذ الكتاب من الخادم، فقرأه، فَقَالَ: اقرأ على أمير المؤمنين السلام، وأخبره أن كتابه ورد وقد أنفذت الحكم. فَقَالَ الخادم: قد والله عرفت ما صنعت، أبيت أن تأخذ كتاب أمير المؤمنين حتى تفرغ مما تريد، والله لأخبرن أمير المؤمنين بما فعلت. فَقَالَ له حفص: قل له ما أحببت.

فجاء الخادم فأخبر هارون، فضحك وَقَال للحاجب: مر لحفص بن غياث ثلاثين ألف درهم. فركب يحيى بن خالد، فاستقبل حفصا منصرفا من مجلس القضاء، فَقَالَ: أيها القاضي قد سررت أمير المؤمنين اليوم، وأمر لك بثلاثين ألف درهم، فما كان السبب في هذا؟ قال: تمم الله سرور أمير المؤمنين وأحسن حفظه وكلاءته ما زدت على ما أفعل كل يوم.

قال: على ذاك؟ قال: ما أعلم إلا أن يكون سجلت على مرزبان المجوسي بما وجب عليه. فَقَالَ يحيى بن خالد: فمن هذا سر أمير المؤمنين.

فَقَالَ حفص: الحمد لله كثيرا. فقالت أم جعفر لهارون. لا أنا ولا أنت إلا أن تعزل حفصا. فأبى عليها، ثم ألحت عليه، فعزله عن الشرقية، وولاه القضاء على الكوفة، فمكث عليها ثلاث عشرة سنة.

قال: وكان أَبُو يوسف لما ولي حفص، قال لأصحابه: تعالوا نكتب نوادر حفص، فلما وردت أحكامه وقضاياه على أبي يوسف، قال له أصحابه: أين النوادر التي زعمت تكتبها؟ قال: ويحكم إن حفصا أراد الله فوفقه.

قال عَبد اللَّهِ بْن أَحْمَد بن حنبل (١) : قال أبي: رأيت مقدم فم


(١) تاريخ الخطيب: ٨ / ١٩٩.