للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَحْسَن منه، ورشا بوابي جملة دراهم، عَلَى أَن يدخل الطبق إلي، ولا يبالي أَن يرد. فلما (١) دخل إلي أنكرت ذَلِكَ، وضربت (٢) بوابي، وأمرت برد الطبق. فرد، فلما كَانَ اليوم تقدم إلي مَعَ خصمه، فَمَا تساويا فِي قلبي، ولا فِي عيني، وهَذَا يا أمِير الْمُؤْمِنيِنَ ولَمْ أقبل، فكيف يَكُون حالي لو قبلت؟ ولا آمن أَن تقع عَلِي حيلة فِي ديني فأهلك، وقَدْ فسد النَّاس، فأقلني أقالك اللَّه، واعفني، فأعفاه.

وبِهِ، قَالَ (٣) : أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْقَطَّان، قال: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ زِيَادٍ الْمُقْرِئُ. أَنَّ دَاوُدَ بْنَ وسِيمٍ الْبُوشَنْجِيَّ أَخْبَرَهُمْ بِبُوشَنْجَ قال: أخبرنا عَبْد الرَّحْمَنِ بْن عَبد اللَّهِ، عَنْ عَمِّهِ عَبد المَلِك بْنِ قَرِيبٍ الأَصْمَعِيّ، أَنَّهُ قال: كُنْتُ عِنْدَ الرَّشِيدِ يَوْمًا، فَرَفَعَ إِلَيْهِ فِي قَاضٍ كَانَ اسْتَقْضَاهُ، يُقَالُ لَهُ: عَافِيَةُ، فَكَبَّرَ عَلَيْهِ، وأَمَرَ بِإْحَضَارِهِ، فَأُحْضِرَ، وكَانَ فِي الْمَجْلِسِ جَمْعٌ كَثِيرٌ، فَجَعَلَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنيِنَ يُخَاطِبُهُ ويُوقِفُهُ عَلَى مَا رُفِعَ فِيهِ، وطَالَ الْمَجْلِسُ، ثُمَّ إِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنيِنَ عَطَسَ، فَشَمَّتَهُ مَنْ كَانَ بِالْحَضْرَةِ، ومَنْ قَرُبَ مِنْهُ، سِوَاهُ، فَإِنَّهُ لَمْ يُشَمِّتْهُ، فَقَالَ لَهُ الرَّشِيدُ: مَا بَالُكَ لَمْ تُشَمِّتْنِي كَمَا فَعَلَ الْقَوْمُ؟ فَقَالَ لَهُ عَافِيَةُ: لأَنَّكَ يَا أَمِيرُ الْمُؤْمِنيِنَ لَمْ تَحْمِدَ اللَّهَ، فَلِذَلِكَ لَمْ أُشَمِّتْكَ، هَذَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، عَطَسَ عِنْدَهُ رَجُلانِ، فَشَمَّتَ أَحَدَهُمَا، ولَمْ يُشَمِّتِ الآخَرَ. فَقَالَ: يا رَسُولَ اللَّهِ، مَا بَالُكَ شَمَّتَ ذَلِكَ.

ولَمْ تُشَمِّتْنِي، قال: لأَنَّ هَذَا حَمِدَ اللَّهَ فَشَمَّتْنَاهُ. وأَنْتَ لم تحمده فام أُشَمِّتْكَ (٤) ، فَقَالَ لَهُ الرَّشِيدُ: ارْجِعْ


(١) في نسخة ابن المهندس"ولما"وما أثبتناه من النسخ الاخرى وتاريخ الخطيب.
(٢) في تاريخ بغداد: وطردت بوابي.
(٣) تاريخ الخطيب: ١٢ / ٣٠٩.
(٤) في تاريخ بغداد: فلم أشمتك".