للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مئة ألف حَدِيث وكسر، وهَذَا الفتى يَعْنِي أبا زرعة قَدْ حفظ ست مئة ألف حَدِيث.

قال البيهقي: وإنما أراد - والله أعلم - مَا صح من أحاديث رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وأقاويل الصَّحَابَة وفتاوى من أخذ عَنْهُم من التابعين.

وَقَال عَبد اللَّهِ بْن مُحَمَّد بْن وهب الدينوري الْحَافِظ: كُنَّا عِنْدَ أَبِي زرعة ورجل من أَهل الطرق قَدْ جمع أحاديث من الغرائب الطنانات يسأله عَنْهَا وهُوَ يجيب حَتَّى عجز السائل وجهد أَن يتوقف عَنِ الجواب بحَدِيث واحد فلم يقدر عَلَيْهِ، فَقَالَ: أقول فِي أذنك شَيْئًا؟ قال: بلى. فتقدم فاسمعه فِي أذنه، فَقَالَ لَهُ أَبُو زُرْعَة: الاشتغال بالعلم أولى بنا.

وَقَال الحاكم أَبُو أَحْمَد الحافظ: سمعت أَحْمَد بْن خَالِد الحروري يَقُول: دَخَلَ أَبُو زرعة بغداد متوجها إِلَى الحج فاجتمع إِلَيْهِ الحفاظ يذاكرونه وهُوَ يجيب ويغلبهم فِي المذاكرة حَتَّى عجزوا عَنْ مذاكرته، فقام واحد مِنْهُم، قال فِي أذنه: يا دا نانا (١) ، وشتمه بأقبح شتيمة، فتبسم أَبُو زُرْعَة، وَقَال لَهُ: يا هَذَا اشتغل بالعلم فَإِن هَذَا بعيد مِمَّا نحن فِيهِ.

وَقَال عَبْد الرَّحْمَنِ (٢) بْن أَبي حَاتِم: سمعت يونس بن عبد الاعلى يقول: ما رأيت أكثر تواضع من أَبِي زرعة هُوَ وأَبُو حاتم إماما خراسان.

وَقَال مُحَمَّد بن جعفر بن حكمويه (٣) : سئل أَبُو زُرْعَة الرازي عَنْ رجل حلف بالطلاق أَن أبا زرعة يحفظ مئتي ألف حَدِيث، هل حنث؟


(١) هكذا في جميع الاصول، وكأنها لفظة فارسية معناها: يا عارف.
(٢)
(٣) تاريخ الخطيب: ١٠ / ٣٣٥.