للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَقَال علي بن المديني في كتاب"العلل": سمعت هشام بن يوسف قال: قال لي ابن جُرَيْج: سألت عطاء عن التفسير من البقرة وآل عِمْران، فقال: أعفني من هذا. قال هشام: فكان بعد إذا قال: عطاء عن ابن عباس، قال: الخراساني. قال هشام: فكتبنا حينا ثم


= ثبوتهما في تفسير عطاء الخراساني لا يمنع أن يكونا عند عطاء بْن أَبي رباح أيضا. هذا أمر واضح بل هو المتعين ولا ينبغي الحكم على البخاري بالوهم بمجرد هذا الاحتمال، لا سيما والعلة في هذا محكية عن شيخه علي بن المديني، فالاظهر، بل المحقق، أنه كان مطلعا على هذه العلة، ولولا ذلك لاخرج في التفسير جملة في هذه النسخة ولم يقتصر على هذين الحديثين خاصة، والله أعلم، ولا سيما أن البخاري قد ذكر عطاء الخراساني في الضعفاء وذكر حديثه عن سَعِيد بن المُسَيَّب عَن أبي هُرَيْرة أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر الذي واقع في شهر رمضان بكفارة الظهار، وَقَال: لا يتابع عليه، ثم ساق بإسناد له عن سَعِيد بن المُسَيَّب أنه قال: كذب علي عطاء ما حدثته هكذا. ومما يؤيد أن البخاري لم يخرج له شيئا أن الدارقطني والجياني والحاكم واللالكائي والكلاباذي وغيرهم لم يذكروه في رجاله" (٧ / ٢١٤ - ٢١٥) . قال بشار: ما ذكره الحافظ ابن حجر يؤيد أن البخاري ظنه ابن أَبي رباح والذين ترجموا لرجال البخاري ترجموا لابن أَبي رباح متابعة منهم له. وهذا كله لا يعني، بل لا يثبت، أن المذكور في هذين الحديثين ليس عطاء الخراساني، فقد جعل الحافظ حسن الظن بعدم وهم البخاري هو الدليل القاطع عنده، وفي هذا ما فيه من المبالغة والدفاع بغير دليل قاطع.
وقد ذكر هو في فتح الباري أن عبد الرزاق بن همام الصنعاني قد أخرج الحديث المذكور ونص فيه على أنه الخراساني.
أما ذكره في الضعفاء وتخريجه له فليس هو الدليل القاطع على أنه ليس الخراساني، فقد ذكر البخاري بعض رجاله في كتابه الضعفاء، منهم سَعِيد بن أَبي عَرُوبَة، كما أن كلام ابن المديني في "العلل"- مما سيذكره المؤلف بعد - لدليل قاطع على أن صاحب الحديث هو الخراساني.
ومع أن الخطيب قد رجح أنه ابن أَبي رباح، لكن الادلة الاخرى، ولا سيما ما ذكره ابن المديني في "العلل"، وعبد الرزاق يثبتان أنه الخراساني. أما قول ابن حجر باحتمال رواية ابن جُرَيْج الحديث عن عطاء الخراساني وعطاء بن أَبي رباح جميعا، (الفتح: ٨ / ٥٤٢) أو أنه سمع هذين الحديثين من ابن أَبي رباح خارج التفسير، فكلها ظنون لا يقوم بها دليل واضح، والاظهر ما ذكره المؤلف المزي، والله أعلم.