للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فأحضره، فما كلمه بشيءٍ حتى وصله بعشرة آلاف درهم، وَقَال: هَذِهِ وصلك بها أمير المؤمنين وأمر أن يدفع إِلَيْهِ جميع ما استحق من أرزاقه، وكان لَهُ رزق سنتين، ثُمَّ قال لَهُ: يا أبا الحسن حديث جرير بن عَبد اللَّه فِي الرؤية ما هُوَ؟ فَقَالَ: صحيح. قال: فهل عندك فِيهِ شيء؟ قال: يعفيني القاضي من هَذَا. فَقَالَ: يا أبا الحسن هَذِهِ حاجة الدهر. ثُمَّ أمر لَهُ بثياب وطيب ومركب بسرجه ولجامه، ولم يزل حتى قال: فِي هَذَا الإسناد من لا يعمل عَلَيْهِ، ولا عَلَى ما يرويه، وهو قيس بن أَبي حازم، إنما كَانَ أعرابيا بوالا عَلَى عقبيه. فقبل ابن أَبي دؤاد ابن المديني واعتنقه. فلما كَانَ الغد، وحضروا، قال ابن أَبي دؤاد: يا أمير المؤمنين: يحتج فِي الرؤية بحديث جرير، وإنما رواه عَنْهُ قيس بن أَبي حازم، وهو أعرابي بوال عَلَى عقبيه؟ قال: فَقَالَ أحمد بن حنبل بعد ذَلِكَ: فحين أطلع لي هَذَا علمت أنه من عمل علي بن المديني، فكان هَذَا وأشباهه من أوكد الأمور فِي ضربه.

قال الحافظ أَبُو بكر: أما ما حكي عن علي بْن المديني فِي هَذَا الخبر من أن قيس بن أَبي حازم لا يعمل عَلَى ما يرويه لكونه أعرابيا بوالا عَلَى عقبيه فهو باطل. وقد نزه اللَّه عليا عن قول ذَلِكَ، لأن أهل الأثر وفيهم علي مجمعون عَلَى الاحتجاج برواية قيس بن أَبي حازم وتصحيحها، إذ كَانَ من كبراء تابعي أهل الكوفة، وليس فِي التابعين من أدرك العشرة المقدمين، وروى عنهم غيره، مَعَ روايته عن خلق من الصحابة سوى العشرة.

ولم يحك