للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فضرب عنقه وألقى جثته إلى الناس، وأمر بهانئ فسحب إلى الكناسة، فصلب هناك، فقال شاعرهم:

فإن كنت لا تدرين ما الموت • فانظري إلى هانئ في السوق

وابن عقيل أصابهما أمر الأمير (١) فأصبحا • أحاديث من يسعى بكل سبيل

أيركب أسماء الهماليج آمنا • وقد طلبته مذحج بقتيل (٢)

وأقبل (٣) الحسين عليه السلام بكتاب مسلم بْن عقيل إليه، حتى إذا كَانَ بينه وبين القادسية ثلاثة أميال لقيه الحر بْن يزيد التميمي، فقال له: أين تريد؟ فقال أريد هذا المصر. قال له: ارجع، فإني لم أدع لك خلفي خيرا أرجوه، فهم أن يرجع، وكان معه إخوة مسلم بْن عقيل، فقالوا: والله لا نرجع حتى نصيب بثأرنا أو نقتل، فقال: لا خير في الحياة بعدكم.

فسار فلقيته أول خيل عُبَيد اللَّه، فلما رأى ذلك عدل إلى كربلاء وأسند ظهره إلى قصباء حتى لا يقاتل إلا من وجه واحد، فنزل وضرب أبنيته، وكان أصحابه خمسة وأربعين فارسا ونحواً من مئة راجل، وكان عُمَر بْن سعد بْن أَبي وقاص قد ولاه عُبَيد اللَّه بْن زياد الري وعهد إليه، فدعاه، فقال: اكفني هذا الرجل، فقال: اعفني، فأبى أن يعفيه، قال: فأنظرني الليلة، فأخره، فنظر في أمره، فلما أصبح غدا إليه راضيا


(١) في تاريخ الطبري: الإمام"، وما هنا أصوب.
(٢) في تاريخ الطبري: بذحول.
(٣) ذكر الطبري بعد هذا رواية أبي مخنف في قصة مسلم بن عقيل وشخوصة إلى الكوفة ومقتله، وَقَال: هي أشبع وأتم من خبر عمار الدهني عَن أبي جعفر الذي ذكرناه"ثم ساقها (٥ / ٣٥١ - ٣٨٩) ، وعاد إلى حديث عمار الدهني، عَن أبي جعفر، فاستغرقت رواية أبي مخنف قرابة الاربعين صفحة.