للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بما أمره بِهِ، فتوجه عُمَر بْن سعد إلى الحسين - عليه السلام، فلما أتاه قال له الحسين - عليه السلام: اختر واحدة من ثلاث: إما أن تدعوني فألحق بالثغور، وإما أن تدعوني فأذهب إلى يزيد، وإما أن تدعوني فأذهب من حيث جئت. فقبل ذلك عُمَر بْن سعد، وكتب بذلك إلى عُبَيد اللَّه، فكتب إليه عُبَيد اللَّه: لا ولا كرامة حتى يضع يده في يدي! فقال الحسين - عليه السلام: لا، والله لا يكون ذلك أبدا، فقاتله فقتل أصحابه كلهم، وفيهم بضعة عشر شابا من أهل بيته - عليه السلام - ويجئ سهم فيقع بابن له صغير في حجره، فجعل يمسح الدم عنه ويقول: اللهم احكم بينا وبين قوم دعونا لينصرونا ثم يقتلوننا، ثم أمر بسراويل حبرة (١) ، فشقها، ثم لبسها ثم خرج بسيفه فقاتل حتى قتل، وقتله رجل من مذحج، وحز رأسه فانطلق بِهِ إلى عُبَيد اللَّه بْن زياد، فقال (٢) :

أوقر ركابي فضة وذهبا • فقد قتلت الملك المحجبا

قتلت خير الناس أما وأبا • وخيرهم إذ ينسبون نسبا

فوفده إلى يزيد ومعه الرأس، فوضع بين يديه وعنده أبوبرزة الأَسلميّ، فجعل يزيد ينكث بالقضيب على فيه ويقول (٣) :

نفلق هاما من رجال أعزة • علينا وهم كانوا أعق وأظلما


(١) بوزن: عنبة، برد يماني.
(٢) جاء في حواشي النسخ من قول المؤلف: وفي رواية أخرى أن سنان بن أَبي سنان النخعي قتله، وأن خولي بن يزيد الاصبحي أجهز عليه وحز رأسه وَقَال الشعر.
(٣) البيت للحصين بن الحمام بن ربيعة المري الذبياني، شاعر فارس جاهلي، وهو بيت من قصيدة في المفضليات: ٦٤ - ٦٩، وانظر ديوان الحماسة بشرح التبريزي: ١ / ١٩٣.