للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تحضر ذلك (١). وقال الكلبي: لم تشاهد ما هنالك (٢).

قال صاحب النظم: ليس للحضور هاهنا معنى؛ لأن قوله: {وَمَا كُنْتَ بِجَانِبِ الْغَرْبِيِّ} قد أغنى عنه، وهو من الشهادة على الشيء، يعني: لم نُشهدك على ما جرى هنالك.

٤٥ - قوله: {وَلَكِنَّا أَنْشَأْنَا قُرُونًا} أي: خلقنا أممًا من بعد موسى {فَتَطَاوَلَ عَلَيْهِمُ الْعُمُرُ} أي: طالت عليهم المهلة، فنسوا عهد الله، وتركوا أمره (٣).

قال ابن عباس: مِثْلُ قوله في الحديد: {وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ} [١٦] (٤).

قال صاحب النظم: قوله: {وَمَا كُنْتَ بِجَانِبِ الْغَرْبِيِّ} لا يقال إلا لرجل قد كان جرى له ذكر في موضع بخير أو شر، فهو إعلام من الله تعالى لنبيه -صلى الله عليه وسلم- أنه أجرى ذكرَه في هذا الموضع لمعنى؛ إلا أنه غير موقوف على حقيقته، فلما قال: {وَلَكِنَّا أَنْشَأْنَا قُرُونًا فَتَطَاوَلَ عَلَيْهِمُ الْعُمُرُ} دل ذلك على أنه قد عهد إلى قوم موسى عهودًا، فلما طال عليهم العمر نسوها، وتركوا الوفاء بها، وطول العهد والعمر ينسي العهودَ والوفاءَ بها، ألا ترى أن موسى لما عاتب قومه في اتخاذ العجل قال لهم: {أَفَطَالَ عَلَيْكُمُ الْعَهْدُ} [طه: ٨٦]، وذكرَ الله -عز وجل- في مواضع ما عهدَه إلى قوم موسى في التوراة من الإيمان بمحمد -صلى الله عليه وسلم-، فلم يحتمل أن يكون هذا الذي أُومِئَ إليه في هذا


(١) قال الثعلبي ٨/ ١٤٨ أ: الحاضرين. ولم ينسبه.
(٢) "تنوير المقباس" ٣٢٧، بلفظ: من الحاضرين هناك.
(٣) "تفسير الثعلبي" ٨/ ١٤٨ أ.
(٤) "تفسير الثعلبي" ٨/ ١٤٨ أ، ولم ينسبه لابن عباس.

<<  <  ج: ص:  >  >>