للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَعَفَوْتُ عنهم عَفْوَ غَيْرِ مُثَرَّبِ ... وتركْتُهُم لعِقَابِ يومٍ سَرْمدِ

وروى ابن الأنباري عن أبي العباس (١): ثرب فلان على فلان، إذا عَدَّد عليه ذنوبه.

قال ابن عباس: يريد لا لوم عليكم، وقال محمد بن إسحاق (٢): لا (٣) تأنيبَ عليكم، وقال سفيان (٤): لا تعيير عليكم.

وقال الكلبي (٥): يقول لا أعيركم بعد اليوم بهذا أبدًا.

فإن قيل: لِمَ خص اليوم ونيته العفو وترك التوبيخ أبدًا؟.

قال أبو بكر (٦): إن يوسف لما قدم توبيخهم، وعدَّدَ عليهم قبيح ما فعلوا، وهو يستر عنهم نفسه، قال لهم عند تبين أمره لهم: {لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ} أي: قد إنقطع عنكم توبيخي عند اعترافكم بالذنب، فكان ذكر اليوم دلالة على انقطاع التأنيب، وعلى أن ما بعده من الأيام يجري مجراه، واليوم قد يذكر ويراد به: الحين والزمان، كقول امرئ القيس:

فاليوم أشربْ غيرَ مُسْتَحْقِب ... إثمًا مِنَ اللهِ ولا واغِلِ

ليس يريد يومًا بعينه، قال (٧): ويجوز أن يكون المعنى: {لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ} ألبتة {الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ} فتعلق اليوم بالغفران وتناول: غفر الله لكم اليوم، قال: وفيه ضعف، إذ الدعاء لا ينصب قبله، وهو على ما فيه


(١) "تهذيب اللغة" (ثرب) ١/ ٤٧٦.
(٢) الطبري ١٣/ ٥٦.
(٣) (لا): ساقط من (ب).
(٤) الطبري ١٣/ ٥٦.
(٥) "تنوير المقباس" ص ١٥٣، و"زاد المسير" ٤/ ٢٨٢.
(٦) "زاد المسير" ٤/ ٢٨٢ بنحوه.
(٧) أي أبو بكر.

<<  <  ج: ص:  >  >>