للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

١٥ - قوله تعالى: {وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا} قال المفسرون: المؤمنون والملائكة يسجدون لله تعالى طوعًا، والكافر يسجد كرهًا بالسيف، وهذا معنى قول الحسن (١)، وقتادة (٢)، وابن زيد (٣)، ونحو هذا قال الفراء (٤)، الساجد طوعًا من أهل السموات والأرض: الملائكة، ومن دخل في الإسلام رغبة (٥) فيه أو ولد عليه، ومن أكره على الإسلام فهو يسجد كرهًا، وهذا القدر لا يفتح معنى الآية؛ لأن قوله: {فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} يقع على كل من في الأرض من البشر، وليس جميع الكفار يسجدون كرهًا.

واختلفوا في توجيه هذا، فذهب بعضهم إلى التخصيص، حكى ابن الأنباري عن بعض أهل العلم (٦) قال: الملائكة وعباد الله الصالحون يسجدون لله طوعًا، والكافرون والمنافقون يسجدون خوف القتل، وقلوبهم تنطوي على الكفر، فعلى هذا يراد بقوله {كَرْهًا} من يسجد لله كرهًا من خوف السيف لا جميع الكفار، من العموم الذي دخله الخصوص، وعليه دل كلام الفراء؛ لأنه قال: ومن أكره (٧) على الإسلام فهو يسجد كرهًا، ومن المفسرين من ذهب إلى أن الكره أيضًا من صفة المؤمنين، يسجد لله


(١) أخرج أبو الشيخ نحوه كما في "الدر" ٤/ ١٠٢، والقرطبي ٩/ ٣٠١.
(٢) الطبري ١٣/ ١٣١، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ كما في "الدر" ٤/ ١٠٢، والقرطبي ٩/ ٣٠١.
(٣) الطبري ١٣/ ١٣١، "زاد المسير" ٤/ ٣١٨.
(٤) "معاني القرآن" ٢/ ٦١.
(٥) في (ب): (ورغبة) بزيادة واو.
(٦) قال بهذا القول الثعلبي ٧/ ١٣٠ أ، والطبري ١٣/ ١٣١، وهذا الراجح والله أعلم.
(٧) في (أ): (أكر) بغير هاء.

<<  <  ج: ص:  >  >>