للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قوله تعالى: {لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ} بدل من قوله: {لَكُمْ} (١)، وبيانه أن هذه الأسوة لمن يخاف الله ويخاف عقاب الآخرة , ويخشى اليوم الذي (٢) فيه جزاء الأعمال {وَمَنْ يَتَوَلَّ} أي: يعرض عن الائتساء بهم ويميل إلى موالاة الكفار {فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ} عن خلقه {الْحَمِيدُ} إلى أوليائه وأهل طاعته.

٧ - قال مقاتل: فلما أمر الله المؤمنين بعداوة الكفار والبراءة منهم، عادوا أقرباءهم وأرحامهم، وأظهروا لهم العداوة، وعلم الله شدة وجد المؤمنين في ذلك فأنزل قوله: {عَسَى اللَّهُ أَنْ يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الَّذِينَ عَادَيْتُمْ مِنْهُمْ مَوَدَّةً} أي من كفار مكة مودة، وفعل ذلك بأن أسلم كثير منهم وخالطوا المسلمين وناكحوهم وتزوج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أم حبيبة بنت أبي سفيان فلان لهم أبو سفيان (٣).

وقال ابن عباس في قوله: {وَبَيْنَ الَّذِينَ عَادَيْتُمْ مِنْهُمْ مَوَدَّةً} يريد نفرًا من قريش آمنوا بعد فتح مكة منهم أبو سفيان بن حرب، وأبو سفيان بن الحارث (٤)،


(١) انظر: "الكشاف" ٤/ ٨٧.
(٢) قوله (الذي) قلادة يقتضيها السياق.
(٣) انظر: "تفسير مقاتل" ١٥١ ب، "الكشف والبيان" ١٣/ ١٠٧ ب، و"التفسير الكبير" ٢٩/ ٣٠٢.
(٤) أبو سفيان بن الحارث، كان أخا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من الرضاعة، وكان يحب الرسول -صلى الله عليه وسلم- قبل البعثة، ثم انقلبت محبته إلى عداوة، وكان شاعراً يهجو الرسول وأصحابه أسلم عام الفتح وأبلى في حنين -رضي الله عنه- مات سنة (٢٠ هـ) وقيل: بعد استخلاف عمر بسنة وسبعة أشهر. انظر: "صفة الصفوة" ١/ ٥١٩: و"سير أعلام النبلاء" ١/ ٢٠٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>