للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

٨٧ - ثم قال: {إِلَّا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ} قال الفراء: هو استثناء، كقوله: {إِلَّا حَاجَةً فِي نَفْسِ يَعْقُوبَ} (١) [يوسف: ٦٨].

وقال أبو إسحاق: {رحَمَتَ} استثناء ليس من الأول (٢)، المعني لكن الله رَحِمَك، فأثبت ذلك في قلبك وقلوب المؤمنين (٣).

وقوله تعالى: {إِنَّ فَضْلَهُ كَانَ عَلَيْكَ كَبِيرًا} قال ابن عباس: يريد حيث جعلتك سيدَ ولد آدم، وختمت بك النبيين، وأعطيتك المقام المحمود (٤).

٨٨ - قوله تعالى: {قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا} الآية. هذا احتجاج من الله تعالى عليهم بالمعجزة، أعلمهم -وهم أهل البيان وتأليف الكلام- عجزهم عن الإتيان بمثل ما أتى به الرسول -صلى الله عليه وسلم- وإن تعاونوا عليه، قال المفسرون: هذا تكذيب للنضر بن الحارث حين قال: {لَوْ نَشَاءُ لَقُلْنَا مِثْلَ هَذَا} (٥) [الأنفال: ٣١].

وقال مقاتل: إن نبيّ الله -صلى الله عليه وسلم- تحداهم أولاً فقال: {فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ} [هود: ١٣]، فعجزوا عن ذلك، فتحداهم وقال: {فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ} [البقرة: ٢٣]، فعجزوا، فآيسهم الله تعالى عن معارضته بمثل ما أتى به في هذه الآية (٦).


(١) "معاني القرآن" للفراء ٢/ ١٣٠، بنصه.
(٢) أي أنه ليس متصلاً، بل هو استثناء منقطع.
(٣) "معاني القرآن وإعرابه" ٣/ ٢٥٩، بنصه.
(٤) ورد في تفسيره "الوسيط" تحقيق سيسي ٢/ ٥٤٦ بنصه، وبلا نسبة في "تفسير الفخر الرازي" ٢١/ ٥٤، و"القرطبي" ١٠/ ٣٢٥، و"الخازن" ٣/ ١٨٠.
(٥) ورد في "تفسير الثعلبي" ٧/ ١٢٠ ب، بنحوه، انظر: "تفسير ابن الجوزي" ٥/ ٨٤.
(٦) "تفسير مقاتل" ١/ ٢١٩ أ، بنحوه.

<<  <  ج: ص:  >  >>