للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تَعْتلَّوا في ذلك بأنكم حلفتم (١).

وقوله تعالى: {وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ} معنى الحِلْم في كلام العرب: الأَنَاةُ والسُكُون، والعَرب تقول: ضَعِ الهَوْدَجَ على أحْلَمِ الجِمال، أي: على أَشَدِّها تَؤُدَةً في السير. ومنه الحُلُم؛ لأنه يُرَى في حال السكون، وحَلَمَةُ الثدي لأنها تُحَلِّم المرتَضِعَ، أي: تُسَكِّنُه، والحَلَمَةُ: القُراد، مُشَبَّهَةً بِحَلَمَةِ الثَّدْي (٢)، ومعنى الحليم في صفة الله: الذي لا يَعْجَل بالعقوبة، بل يؤخر عقوبة الكافرين والعُصَاة (٣).

٢٢٦ - قوله تعالى: {لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ} قال سعيد بن المسيب: كان الرجل لا يريد المرأة، ولا يحب أن يتزوجها غيره، فيحلف أن لا يقربها أبدًا، فكان يتركها بذلك لا أَيَّمًا ولا ذاتَ بعلٍ، يُضَارُّها، وكانوا يفعلون ذلك في الجاهلية وفي الإسلام، فجعل الله تعالى الأجل الذي يُعلم به ما عند الرجل في المرأة أربعة أشهر (٤).


(١) "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٢٩٩.
(٢) "تهذيب اللغة" ١/ ٩٠٨، "المفردات" ص ١٣٦، "عمدة الحفاظ" ١/ ٥١٦ - ٥١٨، "اللسان" ٢/ ٩٧٩ - ٩٨٢. قال الراغب: الحلم: ضبط النفس والطبع عن هيجان الغضب، وجمعه أحلام، قال الله تعالى: {أَمْ تَأْمُرُهُمْ أَحْلَامُهُمْ} [الطور: ٣٢] قبل معناه: عقولهم، وليس الحلم في الحقيقة هو العقل، لكن فسروه بذلك لكونه من مسببات العقل.
(٣) قال السمين الحلبي في عمدة الحفاظ ١/ ٥١٦: الحلم: أصله ضبط عن هيجان الغضب، وإذا ورد في صفات الله فمعناه: الذي لا يستفزه عصيان العصاة، ولا يستخفه الغضب عليهم.
(٤) ذكره الثعلبي في "تفسيره" ٢/ ١٠٣٨، والواحدي في "أسباب النزول" ص ٨٠، ٨١, وابن حجر في "العجاب" ١/ ٥٧٩. وذكره بنصه بلا نسبة الزجاج في "معاني القرآن" ١/ ٣٠٠ - ٣٠١، وروى سعيد بن منصور ٢/ ٥١ [ط. حبيب الرحمن] والطبراني =

<<  <  ج: ص:  >  >>