للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ونصر أبو علي هذه الطريقة، وقال: لم يثبت في قوله: {لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا} مسألة منهم، لأن المعنى: ليس منهم مسألة فيكون منهم إلحاف، قال. ومثل ذلك قول الراجز (١):

لا يُفْزعُ الأَرْنَبَ أهوالُها ... ولا تَرَى الضَّبَّ بها يَنْجَحِرْ (٢)

أي: ليس بها أَرْنَبٌ فتفزع لهولها، ولا ضبٌ فينجحر، وليس المعنى: أنه ينفي الفزع عن الأرنب، والانجحار عن الضب (٣).

وقال الفراء: نَفَى الإلحاف عنهم، وهو يريد جميعَ وجوه السؤال، كما تقول في الكلام: قل ما رأيت مثل هذا الرجل، ولعلك لم تر قليلًا ولا كثيرًا من أشباهه (٤).

وحكى ابن الأنباري عن بعضهم: أن معنى الآية: لا يسألون الناس إلحافًا ولا غير إلحاف، فاكتُفي بالإلحاف من غيره، وجاز اختصاصه بالذكر؛ لأن القصد إنما هو نفي صفة الذم عنهم، وهذا كقوله: {سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ} [النحل: ٨١] والبرد فاكتُفي بالحر من البرد.

٢٧٤ - قوله تعالى: {الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلَانِيَةً} الآية.


(١) في (ي): (الشاعر).
(٢) البيت لعمرو بن أحمر في وصف فلاة، في "ديوانه" ص ٦٧، "الخزانة" ٢٧٣٤. "شرح أشعار الهذليين" ١/ ٣٦، "الخصائص" ٣/ ١٦٤،٣٢١، "الحجة" لأبي علي ٢/ ٤٧ المعنى: نفى أن يكون في الفلاة حيوان.
(٣) "الحجة" ٢/ ٤٧.
(٤) "معاني القرآن" للفراء ١/ ١٨١.

<<  <  ج: ص:  >  >>