أقول: وقد ذكر الزجاج قولًا آخر في الآية فقال: (يجوز أن يكون ممن يصدق ولا يكذب في قول ولا فعل)، وذكر هذا القول أيضًا ابن جرير ١١/ ٦٣ تفسيرًا لقراءة ابن مسعود (وكونوا من الصادقين) لكنه لم يرتض هذا المعنى محتجًا بأنه مخالف للقراءة الموافقة لرسم المصحف، واحتجاجه هذا فيه نظر؛ لأن (مع) في لغة العرب للصحبة اللائقة، ولا تستلزم المخالطة والممازجة، بل تختلف باختلاف مصحوبها، فكون الله تعالى مع المتقين لون، وكون عقل الإنسان معه لون، وكون زوجته معه لون، وكون أميره معه لون .. وهكذا، فإذا علم هذا كان المعنى اللائق بقوله تعالى: {وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ} كونوا منهم؛ لأن الإنسان لا يمكن أن يكون مع مجموعة جمعهم الصدق إلا إذا كان صادقًا موافقًا لهم في الخصلة الي جمعتهم. والله أعلم. وانظر مبحث المعية في " مختصر الصواعق المرسلة" ٢/ ٢٦٥، و"لسان العرب" (معع) ٧/ ٤٢٣٤، و"البحر المحيط" ٥/ ١١١. (٢) "معاني القرآن وإعرابه" ٢/ ٤٧٥. (٣) انظر: "زاد المسير" ٣/ ٥١٥، و"الوسيط" ٢/ ٥٣٤. (٤) انظر المصدرين السابقين، نفس الموضع.