للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال الفراء: (أدخل {أَنْ} في {إِمَّا} في هذه الآية لأنه في موضع أمر بالاختيار وهي في موضع نصب كقول القائل: اختر ذا أو ذا. كأنهم قالوا: اختر أن تُلقي أو نلقي، وقوله تعالى: {إِمَّا يُعَذِّبُهُمْ وَإِمَّا يَتُوبُ عَلَيْهِمْ} ليس (١) فيه أمر بالتخيير؛ ألا ترى أن الأمر لا يصلح هاهنا فلذلك لم يكن فيه أن) (٢).

وأما التفسير فقوله: {إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ}، فقال ابن عباس: (يريد: عصاه، {وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ نَحْنُ الْمُلْقِينَ} أي: ما معنا من الحبال والعصي) (٣)، فمفعول الإلقاء محذوف من الموضعين جميعاً (٤).

١١٦ - قوله تعالى: {قَالَ أَلْقُوا}، يقال على هذا: لم جاز أن يأمرهم موسى بالإلقاء، وهو كفر منهم؟

والجواب: إن معناه: ألقوا إن كنتم محقين، وألقوا على ما يصح،


(١) لفظ: (ليس) ساقط من (ب)، قال الهمداني في "الفريد" ٢/ ٣٤١: (دخلت أن في آية الأعراف لأنه أمر كأنه قيل: اختر إما أن تلقي أنت وإما نحن، والأمر مستقبل و (أن) عَلَم للاستقبال فدخلت لتحقيق هذا المعنى، ولم تدخل في آية التوبة لأنه خبر والخبر لم يحتج إلى أن) اهـ. ملخصًا.
(٢) "معاني الفراء" ١/ ٣٨٩، وقال السمين في "الدر" ٥/ ٤١٥ - ٤١٦: (إنما أتى هنا بأن المصدرية بخلاف آية التوبة؛ لأن أن وما بعدها هنا إما مفعول وإما مبتدًا والمفعول به والمبتدأ لا يكونان فعلاً صريحًا بل لا بد أن ينضم إليه حرف مصدري يجعله في تأويل اسم وأما آية التوبة فالفعل بعد إما، إما خبر ثان لآخرون وإما صفة له، والخبر والصفة يقعان جملة فعلية من غير حرف مصدري) اهـ.
(٣) أخرجه ابن أبي حاتم ٥/ ١٥٣٥ بسند جيد.
(٤) انظر: "إعراب النحاس" ١/ ٦٣١، وقال السمين في "الدر" ٥/ ٤١٦: (حذف مفعول الإلقاء للعلم به والتقدير: إما أن تلقي حبالك وعصيك لأنهم كانوا يعتقدون أن يفعل كفعلهم، أو نلقي حبالنا وعصينا) اهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>