للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقال عكرمة وابن زيد: ما قبل الموت فهو قريب (١)، وكذلك قال الزجاج، أي: يتوبون قبل الموت؛ لأن ما بين الإنسان والموت قريب، فالتوبة مقبولة قبل اليقين بالموت (٢).

وقوله تعالى: {وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا}. قال ابن عباس: يريد علم ما في قلوب المؤمنين من التصديق واليقين فحكم لهم بالتوبة قبل الموت بقدر فَوَاق ناقة (٣).

١٨ - قوله تعالى: {وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ} الآية. تعلقت الوعيدية (٤) بهذه الآية، وقالت: أخبر الله تعالى أن عصاةَ أهل الصلاة إذا أهملوا أمرهم إلى انقضاء آجالهم حصلوا على عذاب الآخرة مع الكفار؛ لأنه جمعهم في قوله: {أُولَئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا} (٥).

والجواب: ليس الأمر على ما زعمتم، فقد قال ابن عباس في رواية عطاء: {وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ} يريد الشرك (٦).


(١) أخرج قولهما بنحوه الطبري ٨/ ٣٠١، وبنصه من "الكشف والبيان" ٤/ ٢٧/ أ، وانظر: البغوي ٢/ ١٨٥، وابن كثير ١/ ٥٠٤.
(٢) "معاني القرآن وإعرابه" ٢/ ٢٩.
(٣) راجع ما سبق من التعليق على الأثر المتقدم عن ابن عباس.
(٤) هم قوم من المعتزلة وغيرهم غلبوا جانب الوعيد في النصوص الشرعية وأغفلوا جانب الوعد. انظر "مقالات الإسلاميين" ص ٢٧٤، ٢٧٦.
(٥) انظر: "الكشاف" ١/ ٢٥٧.
(٦) لم أجده عن ابن عباس من رواية عطاء، لكن ثبت معناه عنه من طريق علي ابن أبي طلحة قال: قوله تعالى: {وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ} الآية قال: فأنزل الله تبارك وتعالى بعد ذلك: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} [النساء: ٤٨]، فحرم الله تعالى المغفرة على من مات وهو كافر، وأرجأ أهل التوحيد إلى مشيئته فلم يؤيسهم من المغفرة. "تفسير ابن عباس" ص ١٣٩، =

<<  <  ج: ص:  >  >>