للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قوله تعالى: {ثُمَّ قَبَضْنَاهُ إِلَيْنَا قَبْضًا يَسِيرًا} أي: شيئًا بعد شيء (١).

القول الثاني: قال ابن عباس: يدل الشمس على الظل (٢). واختار ابن قتيبة هذا القول، وشرحه؛ فقال: تقول لِمَا طلعت الشمس: دلت عليه، وعلى معناه، وكل الأشياء تعرف بأضدادها، ولولا الشمس ما عرف الظل، ولولا النور ما عرفت الظلمة، ولولا الحق ما عرف الباطل، وهكذا سائر ألألوان والطعوم، قال الله تعالى: {وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ} [الذاريات: ٤٩] يريد: ضدين ذكرًا وأنثى، وأسودَ وأبيض، وحلوًا وحامضًا، وأشباه ذلك (٣). وعلى هذا القول: دليل، فعيل بمعنى فاعل (٤).

٤٦ - وقوله: {ثُمَّ قَبَضْنَاهُ إِلَيْنَا قَبْضًا يَسِيرًا} فيه قولان؛ قال مجاهد: يعني حوى الشمسُ إياه (٥).


(١) قال ابن جرير ١٩/ ١٩: ثم دللناكم أيها الناس بنسخ الشمس إياه عند طلوعها عليه أنه خلق من خلق ربكم، يوجده إذا شاء، ويفنيه إذا أراد.
(٢) ذكر البخاري، عن ابن عباس {دَلِيلًا} طلوع الشمس. كتاب التفسير، باب: سورة الفرقان، "فتح الباري" ٨/ ٤٩٠. ووصله ابن أبي حاتم ٨/ ٢٧٠٢، من طريق علي ابن أبي طلحة.
(٣) "تأويل مشكل القرآن" ص ٣١٤.
(٤) الظاهر أن لا فرق بين القولين، وقد ساق ابن جرير الآثار السابقة مجتمعة بعد تقريره أن الشمس دليل على الظل. والله أعلم. وفي جعل الشمس دليلًا على الظل، مصلحة ظاهرة للعباد فيبنون حاجتهم إلى الظل، واستغاءهم عنه على حسب ذلك. تفسير الزمخشري ٣/ ٢٧٥. وزاد عليه ابن عاشور ١٩/ ٤٣، فوائد أخرى.
ومعنى الآية واضح ظاهر، ومع ذلك قال ابن عاشور ١٩/ ٤١: ولم يفصح المفسرون عن معنى هذه الجملة إفصاحًا شافيًا. ثم قال ص ٤٢: وتعدية {دَلِيلًا} بحرف على، يفيد أن دلالة الشمس على الظل هنا دلالة تنبيه على شيء قد يخفى. والله أعلم.
(٥) يعني: الظل. أخرجه ابن جرير ١٩/ ٢٠. وابن أبي حاتم ٨/ ٢٧٠٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>