للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

خالقٌ حكيمٌ مُبَرَّأٌ من الأَسْوَاءِ (١)، فالمخلوقون والمخلوقات كلها تدل على أن الله -عز وجل- خالقها؛ كما قال في قوله: {وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ} , أي: يخشع له ويخضع (٢)، وقد ذكرنا هذا المعنى مستقصى عند ذكر سجود الجمادات في آيات قد مضت في هذا المعنى (٣)، وعلى هذا قوله: {لَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ} مخاطبة للكفار؛ لأنهم لا يستدلون ولا يعتبرون.

٤٥ - قوله تعالى: {وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ} في هذه قولان؛ أحدهما: أن هذه نزلت في قوم كانوا يؤذون رسول الله إذا قرأ القرآن؛ قال الكلبي: وهم أبو سفيان، والنضر بن الحارث، وأبو جهل، وأم جميل بنت حرب بن أمية؛ امرأة أبي لهب، وحويطب، حجب الله رسوله عن أبصارهم عند قراءة القرآن، فكانوا يأتونه ويمرون به ولا يرونه (٤).


(١) ورد في "معاني القرآن وإعرابه" ٣/ ٢٤٢، بنحوه، و"تفسير الثعلبي" ٧/ ١٠٩ ب بنصه.
(٢) والقول الأول هو الراجح، لموافقته لظاهر القرآن، وتأييد السنة له، فقد أسمع الله نبيه -صلى الله عليه وسلم- وصحابته تسبيح الجمادات، فعن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- قال: إنكم تعدون الآيات عذابًا، وإنا كنا نعدها على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بركة، لقد كنا نأكل الطعام مع النبيّ -صلى الله عليه وسلم- ونحن نسمع تسبيح الطعام ... أخرجه مالك في الموطأ [التمهيد] ١/ ٢١٩، والترمذي (٤٦٣٣) كتاب: المناقب، باب: آيات إثبات نبوة النبي -صلى الله عليه وسلم- واللفظ له، وقال: حسن صحيح، وذكره الألباني في "صحيح الترمذي" (٤٦٣٣)، انظر أمثلة أخرى في هذا الباب في "الشفا" ١/ ٥٨٨.
وقد رجح هذا القول كثير من العلماء؛ منهم: القرطبي ١٠/ ٢٦٨، و"الخازن" ٣/ ١٦٦، و"ابن كثير" ٣/ ٤٨ و"الألوسي" ١٥/ ٨٤، وغيرهم.
(٣) سورة الرعد: آية [١٥]، وسورة النحل: آية [٤٩].
(٤) انظر: "تفسير ابن الجوزي" ٥/ ٤١ بنصه، و"أبي حيان " ٦/ ٤١، بنحوه، و"القرطبي" ١٠/ ٢٧١ - بلا نسبة، وورد بنسبة ودون ذكر المؤذين للنبيّ -صلى الله عليه وسلم- في "تفسير الثعلبي" ٧/ ١١٠ أ، و"الماوردي" ٣/ ٢٤٦، و"الطوسي" ٦/ ٤٨٣، و"ابن =

<<  <  ج: ص:  >  >>