للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

هذا الذي ذكرنا هو قول أكثر المفسرين (١). وروى عطاء عن ابن عباس: ولقد صرفنا القرآن، يعني: أمثاله، ومواعظه بينهم ليتعظوا فأبى أكثر الناس إلا جحودًا بالقرآن (٢).

٥١ - وقوله: {وَلَوْ شِئْنَا لَبَعَثْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ نَذِيرًا} قال مقاتل: لو شئنا لبعثنا في زمانك في كل قرية رسولًا ينذرهم، ولكن بعثتك إلى القرى


= الإيمان رقم ٧١. وادعى النحاس في "إعراب القرآن" ٣/ ١٦٣، أن لا خلاف بين أهل التفسير أن الكفر هاهنا قولهم: مطرنا بنوء كذا وكذا. وهو محمول على أن المراد بالتصريف تصريف المطر، أو لعله لم يطلع على غير هذا القول. ويدخل في هذا المعنى كل من ينسب هذه الظاهرة أو غيرها من الزلازل والبراكين ونحو ذلك للطبيعة، منكرًا تقدير الله تعالى وتدبيره لها، وحدوثها بدون فعل فاعل.
(١) أي أن الضمير في قوله تعالى: {صَرَّفْنَاهُ}. يرجع للمطر. وهذا وجه ظاهر؛ لأنه أقرب مذكور، وسياق الآية يدل عليه. والله أعلم. وقد اقتصر عليه في "الوجيز" ٢/ ٧٨١. ولم يذكر غيره ابن كثير ٦/ ١١٥. واختاره الشنقيطي ٦/ ٣٣٥.
(٢) تفسير ابن أبي حاتم ٨/ ٢٧٠٧، من قول عطاء الخراساني، واستدل على صحته بقوله تعالى فيه: {وَلَوْ شِئْنَا لَبَعَثْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ نَذِيرًا (٥١) فَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُمْ بِهِ جِهَادًا كَبِيرًا}. وجعله الماوردي ٤/ ١٤٩، راجعًا إلى الفرقان المذكور في أول السورة. واختاره ابن جزي ٤٨٦. ولا يمنع أن يكون راجعًا إلى جميع ما سبق. تفسير أبي حيان ٦/ ٤٦٣. وذكر الزمخشري ٣/ ٢٧٧، وجهًا ثالثًا، واستظهره، ولم ينسبه؛ وهو أن المراد تصريف الحديث عن المطر والسحاب في القرآن وفي الكتب السماوية السابقة لما في هذه الآية من العبرة والعظة، فقال: {وَلَقَدْ صَرَّفْنَاهُ} يريد: ولقد صرفنا هذا القول بين الناس في القرآن وفي سائر الكتب والصحف التي أنزلت على الرسل عليهم السلام -وهو ذكر إنشاء السحاب وإنزال القطر- ليتفكروا ويعتبروا، ويعرفوا حق النعمة فيه ويشكروا. وذكره أبو السعود ٦/ ٢٢٤، واستظهره، ولم ينسبه. وكذا البرسوي ٦/ ٢٢٥. واقتصر عليه القاسمي ١٢/ ٢٦٦. والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>