للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإسماعيلية، وبثوا دعاتهم بأرض مصر، فاستجاب لهم خلق كثير من أهلها، ثم ملكوها عام (٣٥٨)، وانتشرت مذاهب الرافضة في عامة الأقطار، قال المقريزي: "واشتهرت مذاهب الفرق من القدرية والجهمية والمعتزلة والكرَّامية والخوارج والروافض والقرامطة والباطنية حتى ملأت الأرض، وما منهم إلا من نظر في الفلسفة، وسلك من طرقها ما وقع عليه اختياره، فلم يبق مصر من الأمصار ولا قطر من الأقطار إلا وفيه طوائف كثيرة مما ذكرنا" (١).

هذا الواقع دعا أهل السنة وعلماء الملة -جرياً على سنة التدافع- للوقوف بقوة في وجه هذا المد البدعي الطاغي، ببيان الحق ورد الباطل ودفع الشبه، وفضح الفرق، وكشف عوارها (٢)، وهذا كما لا يخفى له أثره الواضح في إثراء الحياة العلمية تأليفاً وتدريساً، وكشفاً للحال، وتتبعاً للحقائق.

سادساً: المناظرات العلمية بين أرباب المذاهب:

مما كان سائداً في ذلك العصر: المناظراتُ التي كانت تعقد بين العلماء، يبين كل واحد منهم قوله، ويذكر دليله، ويفنِّد حجة خصمه، وقد


(١) ينظر: "الخطط" للمقريزي ٢/ ٣٥٧.
(٢) من العلماء الذين صنفوا في ذلك: معمر بن زياد الأصبهاني (ت ٤١٨)، وأبو عمر الطلمنكي (ت ٤٢٩)، وأبو نصر السجزي (ت ٤٤٤) وأبو عمرو الداني (ت ٤٤٤) وأبو الفتح سليم بن أيوب الرازي (ت ٤٤٧) وأبو عثمان الصابوني (ت ٤٤٩) وأبو عمر بن عبد البر (ت ٤٦٣) وأبو القاسم سعد بن علي الزنجاني (ت ٤٧١) وغيرهم. ومن الأشاعرة: أبو بكر الباقلاني (ت ٤٠٣) وأبو إسحاق الإسفراييني (ت ٤١٨) وأبو منصور البغدادي (ت ٤٢٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>