للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

٧٩ - قوله تعالى: {مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ} قال ابن عباس في رواية عطاء: {مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ} يوم بدر، من النصر والغنيمة، فمن الله، {وَمَا أَصَابَكَ} يوم أُحد من القتل والهزيمة، {فَمِنْ نَفْسِكَ}، يريد: فبذنبك. وهذا من الله مخاطبة للنبي - صلى الله عليه وسلم - والمراد به أصحابه، والشعبي من ذلك بريء، وذلك أن الله تعالى حين بعثه غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، وعصمه فيما يستقبل حتى يموت، فهو معصوم. انتهى كلام ابن عباس (١).

وهذا الذي ذكره مذهب أكثر أهل التفسير والمعاني (٢).

قال أبو إسحاق: هذا خطاب للنبي - صلى الله عليه وسلم - يُراد به الخلق، ومخاطبة النبي - صلى الله عليه وسلم - قد يكون للناس جميعًا؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - لسانهم، والدليل على ذلك قوله: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} [الطلاق: ١] فنادى النبي - صلى الله عليه وسلم - وحده، وصار الخطاب شاملًا له ولأمته، فمعنى {مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ} أي ما أصبتم من غنيمة، أو أتاكم من خصب فمن تفضل الله جل وعز، {وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ} أي من جدب وغلبةٍ في حرب {فَمِنْ نَفْسِكَ} أي: أصابكم ذلك بما كسبت أيديكم (٣).


(١) ورد نحوه من طريق علي بن أبي طلحة في تفسير ابن عباس ص ١٥٢، وأخرجه الطبري ٥/ ١٧٥ - ١٧٧، وانظر: "زاد المسير" ٢/ ١٣٨. ولم أقف على رواية عطاء، وانظر: "تنوير المقباس" ص ٩٠، وأخرج ابن أبي حاتم نحوه من طريق عطة العوفي عن ابن عباس. انظر: "الدر المنثور" ٢/ ٣٣١ - ٣٣١.
(٢) انظر: الطبري ٥/ ١٧٥ - ١٧٧، "بحر العلوم" ١/ ٣٧٠، "النكت والعيون" ١/ ٥٠٦ - ٥٠٩.
(٣) "معاني القرآن وإعرابه" ٢/ ٧٩, ٨٠، وانظر: "تفسير غريب القرآن" لابن قتيبة ص ١٢٧، "معاني القرآن" للنحاس ٢/ ١٣٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>