للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقوله: {إِنْ هِيَ إِلَّا فِتْنَتُكَ}. الكناية في قوله {هِيَ} تعود إلى الفتنة، [كما تقول: إن هو إلا زيد، وإن هي إلا هند، والمعنى: إن تلك الفتنة] (١) التي وقع فيها السفهاء لم تكن {إِلَّا فِتْنَتُكَ} أي: اختبارك، وابتلاؤك، وهذا تأكيد لقوله: {أَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ السُّفَهَاءُ مِنَّا} لأن معناه: لا تهلكنا بفعلهم، فإن تلك الفتنة كانت اختبارًا منك وابتلاءً أضللت بها قوماً فافتتنوا، وهديت قومًا فعصمتهم حتى ثبتوا على دينك (٢)، فذلك معنى قوله: {إِنْ هِيَ إِلَّا فِتْنَتُكَ تُضِلُّ بِهَا مَنْ تَشَاءُ وَتَهْدِي مَنْ تَشَاءُ} (٣). وهذه الآية من الحجج الظاهرة على القدرية التي لا يبقى لهم معها عذر (٤).

١٥٦ - قوله تعالى: {وَاكْتُبْ لَنَا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةً}. أي: أوجب لنا، والكتابة تذكر بمعنى الإيجاب، وقد مضى ذلك، وسؤالهم الحسنة في الدنيا والآخرة كسؤال المؤمنين من هذه الأمة حيث أخبر الله عنهم في قوله: {وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً} [البقرة: ٢٠١]. ومضى تفسير هذه الآية.

و (٥) قال ابن عباس في الآية في هذه السورة: (يريد: اقبل وفادتنا وردنا بالمغفرة والرحمة)، {وَفِي الْآخِرَةِ}، قال: (يريد: حسنة، يعني: الجنة) (٦). وقول ابن عباس: (يريد: حسنة)، يعني: إن تقدير الآية:


(١) ما بين المعقوفين ساقط من (ب).
(٢) انظر: "تفسير الطبري" ٩/ ٧٦، و"معاني النحاس" ٣/ ٨٨، و"إعراب النحاس" ١/ ٦٤٢، و"تفسير السمرقندي" ١/ ٥٧٣.
(٣) لفظ: ({وَتَهْدِي مَنْ تَشَاءُ}) ساقط من (ب).
(٤) انظر: "تفسير الرازي" ١٥/ ١٩، والقرطبي ٧/ ٢٩٦، والخازن ٢/ ٢٩٥.
(٥) (الواو) ساقطة من (ب).
(٦) ذكره الواحدي في "الوسيط" ٢/ ٢٥٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>