للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقوله تعالى: {فَأَرْسِلْ مَعَنَا أَخَانَا نَكْتَلْ} قال أبو إسحاق (١): أيَ إن أرسلته (٢) اكتلنا وإلا فمنعنا الكيل. وقرئ (٣) "يكتل" بالياء والنون، ويدل على النون قوله "ونمير أهلنا" ألا ترى أنهم إنما يميرون أهلهم مما يكتالونه، فيكون نكتل مثل "نمير"، وأيضاً فإن في قوله "نكتل" بالنون يجوز أن يكون أخوهم داخلًا معهم، وإذا كان بالياء لم يدخلوا هم في هذه الجملة، ووجه الياء كأنه يكتل هو حمله، كما نكتال نحن أحمالنا.

٦٤ - قوله تعالى: {قَالَ هَلْ آمَنُكُمْ عَلَيْهِ إِلَّا كَمَا أَمِنْتُكُمْ عَلَى أَخِيهِ مِنْ قَبْلُ} قال عطاء عن ابن عباس (٤): يريد قد صنعتم بي هذا من قبل في يوسف فكيف آمنكم علي بنيامين. وقال الكلبي (٥): (هل آمنكم عليه) يعني علي بنيامين إلا كما آمنتكم على أخيه من قبل، يعني إني أخاف على الثاني مثل الذي وقع بالأول، وان كنتم تعدونني حفظه. وقال أبو إسحاق (٦): أي كذلك قلتم لي في يوسف وضمنتم لي حفظه في قولكم: {وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} فكذلك ضمانكم هذا عندي، وتأويل هذا أنه يقول: لا آمنكم علي بنيامين إلا كأمني على يوسف، يريد أنه لم ينفعه ذلك الأمن وأنهم خانوه، فهو وإن أمنهم في هذا خاف خيانتهم أيضاً. ثم قال: {فَاللَّهُ خَيْرٌ حَافِظًا}.


(١) "معاني القرآن وإعرابه" ٣/ ١١٧.
(٢) في معاني الزجاج (معنا) (وإلا فقد منعنا).
(٣) قرأ ابن كثير ونافع وأبو عمر وعاصم وابن عامر (نكتل) بالنون، وقرأ حمزة والكسائي (يكتل) بالياء.
انظر: "السبعة" ص ٣٥٥، "إتحاف" ص ٢٦٦، الطبري ١٣/ ١٥، ابن عطية ٨/ ١٥.
(٤) انظر: الرازي ١٨/ ١٦٩، القرطبي ٩/ ٢٢٤، البغوي ٤/ ٢٥٦.
(٥) "تنوير المقباس" ص ١٥١.
(٦) "معاني القرآن وإعرابه" ٣/ ١١٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>