للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كَفُورٌ}، فإن ذهب ذاهب إلى أن المراد به كفر النعمة كان اتصال الاستثناء محتملا على ضعفه، وأهل العلم بالقرآن على الأول.

وقوله تعالى: {وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ}، أي: في الشدة والنعمة.

١٢ - قوله تعالى: {فَلَعَلَّكَ تَارِكٌ} الآية، قال أهل التفسير (١): قال المشركون للنبي - صلى الله عليه وسلم -: ائتنا بكتاب ليس فيه سب آلهتنا حتى نتبعك ونؤمن بكتابك. وقال له بعضهم: هلا ينزل عليك ملك يشهد لك بالصدق، أو تعطى كنزًا تستغني به أنت وأتباعك، قال مقاتل (٢): فَهَمَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يدع سب آلهتهم، فأنزل الله هذه الآية.

ومعنى قوله: {فَلَعَلَّكَ تَارِكٌ بَعْضَ مَا يُوحَى إِلَيْكَ} أي أنه لعظيم ما يرد على قلبك من تخليطهم، تتوهم أنهم يزيلونك عن بعض ما أنت عليه من أمر ربك.

قال ابن الأنباري: وقد علم الله تعالى أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يترك شيئًا مما يوحى إليه إشفاقًا من موجدة أحد أو غضبه، ولكنه أكد عليه في متابعة الإبلاغ، كما قال: {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ} [المائدة: ٦٧] الآية، وقال ابن عباس: هذا أدب من الله لنبيه - صلى الله عليه وسلم -، وتحريض على طاعته، والله من وراء ذلك له في العصمة.

قوله تعالى: {وَضَائِقٌ بِهِ صَدْرُكَ}، الضائق بمعنى الضيق، والفرق


(١) الثعلبي ٧/ ٣٥ أ، البغوي ٤/ ١٦٤، "زاد المسير" ٤/ ٨٢، الرازي ١٧/ ١٩٣، "البحر المحيط" ٥/ ٢٠٧.
(٢) "تفسير مقاتل" ١٤٤ أبمعناه، "زاد المسير" ٤/ ٨٢، البغوي ٤/ ١٦٤، القرطبي ٩/ ١٢، ورد على هذا القول ابن عطية ٧/ ٢٤٩ قال: "فإنه لم يرد قط ترك شيء مما أوحي إليه ولا ضاق صدره، وإنما ذكر ذلك للرد على أقوالهم".

<<  <  ج: ص:  >  >>