للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ} أي: جانبهم غليظ على الكافرين (١)، {يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ} لأن المنافقين كانوا يراقبون الكفار، ويظاهرونهم، ويخافون لومهم، فأعلم الله عز وجل أن صحيح الإيمان لا يخاف في نصرة الدين بيده ولسانه لومة لائم، ثم أعلم أن ذلك لا يكون إلا بتسديده وتوفيقه فقال: {ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ} أي محبتهم لله عز وجل ولين جانبهم للمسلمين، وشدتهم على الكافرين، تفضل من الله عز وجل عليهم، لا توفيق لهم إلا به (٢).

٥٥ - قوله تعالى: {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ} الآية، اختلفت الروايات عن ابن عباس في نزول هذه الآية، فقال في رواية العوفي: إنها نازلة في قصة عبد الله بن أبيّ حين تولى اليهودَ، وعبادةَ بنِ الصامت حين تبرأ منهم وقال: أنا أبرأ إلى الله من حلف قريظة والنضير، وأتولى الله ورسوله والذين آمنوا (٣).

وقال جابر بن عبد الله: إن اليهود هجروا من أسلم منهم، لم يجالسوهم، فقال عبد الله بن سلام: يا رسول الله إن قومنا قد هجرونا وأقسموا أن لا يجالسونا , ولا نستطيع مجالسة أصحابك لبعد المنازل، فنزلت هذه الآية، فقال: رضينا بالله وبرسوله وبالمؤمنين أولياء (٤)، فعلى


(١) المرجع السابق.
(٢) "معاني الزجاج" ٢/ ١٨٣، انظر: "بحر العلوم" ١/ ٤٤٤، "تفسير البغوي" ٣/ ٧٢، "زاد المسير" ٢/ ٣٨٢.
(٣) سبق تخريج سبب النزول عند تفسير الآية (٥١)، انظر: "تفسير البغوي" ٣/ ٧٢.
(٤) أخرجه المؤلف في أسباب النزول. وذكره ابن الجوزي في زاد المسير ٢/ ٣٨٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>