للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فحذف الجار فوصل الفعل، وقيل: هو من باب حذف المضاف أي: كفروا نعمة ربهم، وهو معنى قول ابن عباس: يريد: كفروا بما كانوا فيه من نعيم ربهم، وذكر الفراء (١) الوجهين جميعًا. {أَلَا بُعْدًا لِعَادٍ قَوْمِ هُودٍ}، قال: يريد بعدوا من رحمة الله.

قال الزجاج (٢): و {بُعْدًا} منصوب على معنى (أبعدهم الله فبَعُدُوا بعدًا)، ومثله قوله: {وَاللَّهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَبَاتًا} [نوح: ١٧] فأما الكلام في تكرير هذه القصة، وقد ذكرت في سورة الأعراف (٣) وكذلك سائر القصص المكررة [في القرآن] (٤): قال أهل المعاني: إن تصريف المعنى في الوجوه المختلفة بالألفاظ المتباينة، في الدرج العالية من البلاغة والإعجاز، ومنها تستبط الدلالة على حقيقة الإعجاز؛ لأن الله تعالى أنزل قصصًا مكررة، بعبارات مختلفة، وأنزل قصة واحدة ولم يكررها، وهي قصة يوسف [فلا يمكن لأحد من الملحدين أن يعارض لا قصة موسى المكررة ولا قصة يوسف] (٥) التي لم تكرر، وفي تكرارها أيضًا تجديد تسلية رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وتصبيره على أذى المشركين.

٦١ - قوله تعالى: {هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ} قال ابن عباس (٦): يريد:


(١) "معاني القرآن" ٢/ ٢٠.
(٢) "معاني القرآن وإعرابه" ٣/ ٥٩.
(٣) من الآية ٦٥ حتى الآية ٧٢.
(٤) ما بين المعقوفين ساقط من (ي).
(٥) ما بين المعقوفين ساقط من (جـ).
(٦) "تنوير المقباس" ١٤٢، الطبري ١٢/ ٦٢، الثعلبي ٧/ ٤٧ أ، البغوي ٤/ ١٨٥ ابن عطية ٧/ ٣٢٩ "زاد المسير" ٤/ ١٢٣، القرطبي ٩/ ٥٦، ابن كثير ٢/ ٤٩٣، "البحر المحيط" ٥/ ٢٣٨، الرازي ١٨/ ١٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>