للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يسبق إلى قلب بعضهم من الحسد ما لعله أن يقدم على إيقاع بلية بيوسف، في وقت إخبارهم بصنيعهم، فإن الله تعالى ألزم يوسف أن لا يطلع أباه ولا أحداً من إخوته على نسبه وموضعه، ليوبخهم على ما سلف من عقوقهم، ويعد عليهم ما فرط من إساءتهم، فهم لا يعرفون عنه، ولا يعرفون أن أخوهم. ولهذه العلة ما كتم يوسف أباه يعقوب نفسه طول تلك المدة مع علمه بوجد أبيه به خوفًا من الخلاف على الله عز وجل، فصبر على تجرع المرارة بما يعلمه من قلق أبيه (١) إيثارًا لطاعة ربه واتباعًا لأمره، وكان الله تعالى قد قضى على يعقوب أن يوصله إلى درجة عالية لا يصل إليها إلا بعظيم الحسرة التي كان يكابدها، فلذلك أمر يوسف بكتمان شأنه عن أبيه.

والقولان في قوله {وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ} حكاهما الزجاج (٢) فقال: في قوله {وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ} هذا جائز أن يكون من صلة {لَتُنَبِّئَنَّهُمْ بِأَمْرِهِمْ هَذَا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ}، وجائز أن يكون من صلة {أَوْحَيْنَا}، المعنى: وأوحينا إليه (٣) وهم لا يشعرون، أي نبأناه بالوحي وهم لا يشعرون أنه نبي قد أوحي إليه.

١٦ - قوله تعالى {وَجَاءُوا أَبَاهُمْ} قال ابن عباس (٤): ثم إنهم ذبحوا سَخْلة وجلوا دمها على قميص يوسف، وكانوا (٥) قد ألقوه في الجب عريانًا {وَجَاءُوا أَبَاهُمْ عِشَاءً} ليكونوا أجراً في الظلمة على الاعتذار وترويج


(١) في (ب): (الله).
(٢) "معاني القرآن وإعرابه" ٣/ ٩٥.
(٣) في (ج): (إليهم).
(٤) الثعلبي ٧/ ٦٦ ب، الطبري ١٢/ ١٦٣.
(٥) في (أ)، (ب)، (ج): (كانا).

<<  <  ج: ص:  >  >>