للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فلا معنى لقوله: {إِذًا لَارْتَابَ} مع كونهم مرتابين؛ ووجهه ما قال الفراء: أي: لَكان أشدَّ لِريبة من كذَّب مِن أهل الكتاب (١). فحُمل قوله: {لَارْتَابَ} على زيادة الريبة، على قول مجاهد. والمعنى: أن المشركين كانوا شاكين في نبوته، مع أنه يخبرهم بقصص الماضين، من غير أن يقدر على كتابة وقراءة، فلو كان قارئًا كاتبًا لاشتد ارتيابهم، وقالوا: إنما تعلمه وقرأه من كتاب.

وتفسير الآية: أي: الذي يأتي بالباطل، يقال: أبطل فلان: إذا كذب وادعى غير الحق (٢). وكلُّ من ادعى دينًا غيرَ الإسلام فهو مبطل.

٤٩ - قوله تعالى {بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ} قال الحسن: القرآن آيات بينات. {فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ} يعني: المؤمنين (٣).

وهو قول عبد الله بن عباس في رواية عطاء؛ يريد: الذين حملوا القرآن على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من المهاجرين والأنصار، وحملوه من بعد النبي -عليه السلام-. وعلى هذا الكناية عن القرآن والكتاب بقوله: {هُوَ}.

وقال قتادة {بَلْ هُوَ} يعني النبي -صلى الله عليه وسلم- و {آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ} أهل العلم من أهل الكتاب؛ لأنهم يجدون في كتابهم نعته وصفته (٤). وعلى هذا التقدير: بل هو ذو آيات بينات، فحذف المضاف، وذلك أن كونه بالنعت


(١) "معاني القرآن" للفراء ٢/ ٣١٧.
(٢) كتاب "العين" ٧/ ٤٣٠ (بطل)، ونقله الأزهري، "تهذيب اللغة" ١٣/ ٣٥٥.
(٣) أخرجه عبد الرزاق ٢/ ٩٩، وابن جرير ٢١/ ٦. وهو قول الفراء، "معاني القرآن" ٢/ ٣١٧. وذكره الثعلبي ٨/ ١٦٢ أ، ولم ينسبه.
(٤) أخرجه عبد الرزاق ٢/ ٩٩، وابن جرير ٢١/ ٥. وأخرجه ابن جرير ٢١/ ٥، عن ابن جريج. وذكره الثعلبي ٨/ ١٦٢ أ، عن ابن عباس.

<<  <  ج: ص:  >  >>