الأوضاع السياسية في عصر المؤلف وأثرها على الناحية العلمية
إن للأوضاع السياسية التي تحيط بالعالم أكبر الأثر على حياته، وعلى نوع التربية التي تشكل أنماط حياته، وعلى الأفكار والعقائد السائدة في عصره، ومن ثم على حصيلته وإنتاجه العلمي، لهذا لا بد قبل دراسة منهج أي عالم من العلماء من التعرف على الأوضاع السياسية التي كانت سائدة في عصره.
لقد عاش المؤلف في القرن الخامس الهجري (٣٩٥ هـ تقريباً - ٤٦٨ هـ) ولهذه الفترة سمة خاصة في تاريخ الخلافة العباسية .. لذلك نجد كثيراً من الدارسين لها يقسمونها إلا قسمين (١):
العصر العباسي الأول، والعصر العباسي الثاني.
فإذا كانت أبرز سمات العصر العباسي الأول: القوة والاستقرار والتقدم الحضاري بشتى أنواعه كما تظهر ذلك الدراسات عنه، فما هي سمات العصر العباسي الثاني؟ لا أستطيع أن ألم بذلك في هذا المختصر، وإنما أبرز أهم السمات وخصوصا ما يمس البيئة القريبة من المؤلف.
إن السمة الرئيسية للعصر العباسي الثاني هي: ضعف الدولة العباسية وتفككها الذي ترتب عليه تفرق وحدة الأمة، وقد أدرك المؤلف ثلاثة من خلفاء بنى العباس وهم:
١ - القادر بالله: أبو العباس، أحمد بن إسحاق بن جعفر المقتدي بالله
(١) كما فعل الدكتور حسن إبراهيم حسن في "تاريخ الإسلام السياسي" الجزء الثاني والثالث.