للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقال ابن الأنباري: ويجوز أن يعود معنى اليقين إلى رفع الله تعالى إياه، أي: رفعه الله إليه يقينًا بغير شك. والنصب ليقين جواب مضمر، كأنه قيل: يقينًا لقد رفعه الله إليه باليقين، ومذهب القسم ينتصب بجوابه المضمر، فحذف الجواب واكتفى بما دل عليه من قوله: {بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ} [النساء: ١٥٨].

ولا يجوز أن تنصب يقينًا بالفعل الذي بعد (بلُ)، لأن بل أداة مانعة، فلم يعمل ما بعدها فيما قبلها (١).

ويجوز أن تكون الهاء عائدة إلى الظن (٢)، يريد: ما قتلوا ذلك الظن يقينًا، أي لم يزل ظنهم ولم يرتفع ما وقع لهم من الشبهة في قتله، وهذا قول ابن عباس والسدي (٣).

ويزيد هذا بيانًا ما قاله الفراء والزجاج: إنَّ الهاء ههنا للعلم، كما تقول: قتلته علمًا، وقتلته يقينًا، أي علمته علمًا تامًّا (٤).

قال ابن قتيبة: {وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا} يعني العلم، لم يتحققوه ويستيقنوه. وأصل ذلك أنَّ القتل للشيء يكون عن قهر واستعلاء وغلبة، يقول: فلم يكن علمهم بقتل المسيح علمًا أحيط به، وإنما كان ظنًا (٥).

١٥٨ - وقوله تعالى: {بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ} أكثر القراء على إدغام اللام في الراء، لقرب مخرج اللام من الراء والراء متمكنة فيها، كالتكرير، ولهذا


(١) انظر: "زاد المسير" ٢/ ٢٤٦، و"الدر المصون" ٤/ ١٤٨.
(٢) هذا هو الوجه الثاني.
(٣) "تفسير ابن عباس" ص ١٦٤، وأخرج قولهما الطبري ٦/ ١٧، وانظر: "البحر المحيط" ٣/ ٣٩١.
(٤) "معاني الفراء" ١/ ٢٩٤، و"معاني الزجاج" ٢/ ١٢٨
(٥) "تأويل مشكل القرآن" ص ١٣٣، وانظر: "غريب القرآن" له ص ١٣٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>