للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

٣٨ - قوله تعالى: {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ} الآية، قال ابن عباس: (يريد: كل ما دب وجميع البهائم فهو دابة) (١).

قال الزجاج: وجميع ما خلق الله جل وعز لا يخلو من هاتين المنزلتين: إما أن يدب، وإما أن يطير) (٢). وقال غيره من أهل المعاني: (خص ما في الأرض هاهنا بالذكر دون ما في السماء، احتجاجًا بالأظهر، وإحالة بالدليل على ما هو ظاهر؛ لأن ما في السماء -وإن كان مخلوقًا له مثلنا- فغير ظاهر) (٣).

وقوله تعالى: {يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ} قال الفراء والزجاج: (ذكر الجناح هاهنا تأكيد (٤)، كقولك: نعجة أنثى، وكلمته بفي، ومشيت برجلي) (٥). وقال الزجاج: (وقد تقول للرجل: طرفي حاجتي، وأنت تريد أسرع) (٦)، وأراد بهذا أن الطيران قد يستعمل لا بالجناح كقول العنبري (٧):


(١) ذكره الواحدي في "الوسيط" ١/ ٣٢، وابن الجوزي ٣/ ٣٤.
(٢) "معاني القرآن" ٢/ ٢٤٥.
(٣) ذكره الرازي ١٢/ ٢١٢.
(٤) في (ش): (توكيد)، وهذا هو قول قطرب كما في "الزاهر" ١/ ٥٨ - ٥٩، ونقل عن أبي العباس أنه قال: (ليس يطير بجناحيه توكيدًا, ولكنه دخل؛ لأن الطيران يكون بالجناحين ويكون بالرجلين، فطيران الطائر من البهائم بجناحيه، ومن الناس برجليه ألا ترى أنك تقول: زيد طائر في حاجته، معناه: مسرع برجليه) ا. هـ.
(٥) "معاني القرآن" للفراء ١/ ٣٣٢، وهو قول عامة أهل التفسير ومنهم الطبري ٧/ ١٧٩، والنحاس في "معانيه" ٢/ ٤٢٢، والسمرقندي ٣/ ٢٢٧، والبغوي ٣/ ١٤١، وابن عطية ٥/ ١٩٣.
(٦) "معاني القرآن" ٢/ ٢٤٥.
(٧) العنبري: قُريَط بن أنيف العنبرى التميمي شاعر جاهلي. انظر: "الأعلام" ٥/ ١٩٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>