للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقوله تعالى: {إِنَّمَا يَبْلُوكُمُ اللَّهُ بِهِ} أي بما يأمركم وينهاكم، وقد تَقَدَّم ذكر الأمر والنهي، والكناية راجعة إلى الأمر، أي يختبركم الله بالأمر بالوفاء، وقال بعضهم: الكناية راجعة إلى التكليف (١)، وأمره ونهيه بمعنى التكليف، ومعنى {يَبْلُوكُمُ}: يعاملكم معاملة المختبر، وذكرنا هذا في قوله: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ} [البقرة: ١٥٥].

وقوله تعالى: {وَلَيُبَيِّنَنَّ لَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ} أي في الدنيا، قال المفسرون: أي من شأن البعث والقرآن (٢)، وقال أهل المعاني: هو عام فيما يقع الاختلاف فيه من الأصول والفروع (٣).

٩٣ - قوله تعالى: {وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً} قال ابن عباس: يريد على ملة وعلى دين واحد (٤)، {وَلَكِنْ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ} قال: يريد الضلالة بعينها والهدى بعينه، {وَلَتُسْأَلُنَّ عَمَّا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} قال: يريد في الدنيا، وهذه الآية صريحة (٥) في تكذيب القدرية؛ حيث أضاف الضلالة والهداية إلى نفسه، وجعلها لمن شاء من خلقه بالمشيئة الأزلية التي لا يجوز عليها الحدوث، ثم أخبر أنهم يسألون عن أعمالهم،


(١) انظر: "تفسير ابن الجوزي" ٤/ ٤٨٦، و"تفسير القرطبي" ١٠/ ١٧١، وأبي حيان ٥/ ٥٣١.
(٢) ورد في تفسيره "الوسيط" تحقيق سيسي ٢/ ٤٣٥، بنصه.
(٣) ورد في تفسيره "الوسيط" تحقيق سيسي ٢/ ٤٣٥، مختصرًا.
(٤) انظر: "تنوير المقباس" ص ٢٩٢، بنحوه، وورد بنحوه غير منسوب في "تفسير الطبري" ١٤/ ١٦٨، والسمرقندي ٢/ ٢٤٨، والثعلبي ٢/ ١٦٢ب، والبغوي ٥/ ٤٠، و"تفسير القرطبي" ١٠/ ١٧٢، والخازن ٣/ ١٣٢.
(٥) في جميع النسخ: (صريح)، ومما أثبته هو الصواب؛ لكون الآية مؤنثة، والخبر يتبع المبتدأ في التذكير والتأنيث.

<<  <  ج: ص:  >  >>