للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وبه (١) سمي القاضي؛ لأنه إذا حكم فقد فرغ، فقوله: {ثُمَّ اقْضُوا إِلَيَّ} أي: افرغوا من أمرع، وأمضوا ما في أنفسكم، واقطعوا ما بيني وبينكم، ومن هذا قولى تعالى: {وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ} [الإسراء: ٤] أي: أعلمناهم إعلامًا قاطعًا.

وهذا من أقوى آيات النبوة أن يقول النبي لقومه وهم متعاونون عليه: افعلوا بي بما شئتم، قال ابن عباس في هذه الآية: يريد: لا تألوا في الجمع والقوة فإنكم لا تقدرون على مساءتي ولا مضرتي؛ لأن لي إلهًا يمنعني، مثل قوله في هود: {فَكِيدُونِي جَمِيعًا ثُمَّ لَا تُنْظِرُونِ} (٢).

وقال المفسرون: هذا إخبار من الله سبحانه وتعالى عن نبيه نوح -عليه السلام- أنه كان بنصر الله واثقًا، ومن كيد قومه وبوائقهم (٣) غير خائف، علما منه بأنهم وآلهتهم لا تنفع ولا تضر شيئًا إلا أن يشاء الله، وتعزية لنبيه محمد - صلى الله عليه وسلم - وتقوية لقلبه؛ لأن سبيله في (٤) قومه كسبيل الأنبياء من قبله (٥).

٧٢ - قوله تعالى: {فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ}، قال ابن عباس: يريد: عن الإسلام وعن عبادة الله، {فَمَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ}، قال: يريد: من مال تعطونيه (٦).

قال أهل المعاني: هذا بيان عن إخلاص الدعاء إلى الله جل وعز من


(١) ساقط من (ح).
(٢) من الآية ٥٥. ولم أقف على قول ابن عباس هذا.
(٣) البوائق: الغوائل والشر والغشم والبلايا. انظر: "الصحاح" (بوف) ٤/ ١٤٥٢، "لسان العرب" (بوق) ١/ ٣٨٨.
(٤) في (م): (مع).
(٥) انظر: "تفسير ابن جرير" ١١/ ١٤٥، والثعلبي ٧/ ٢٢ أ، والبغوي ٤/ ١٤٣.
(٦) رواه بنحوه الفيروزأبادي في "تنوير المقباس" ص ٢١٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>