للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عنه أولى بهم، وأصلح لهم (١)، وذلك مثل سؤال قوم موسى: {أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً} [النساء: ١٥٣] وقول بني إسرائيل: {لِنَبِيٍّ لَهُمُ ابْعَثْ لَنَا مَلِكًا نُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ}، قال الله عز وجل: {فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ تَوَلَّوْا إِلَّا قَلِيلًا} [البقرة: ٢٤٦] وقالوا: {أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ} [البقرة: ٢٤٧] ألا تراهم قد سألوا ثم كفروا، وهذا معنى كلام أبي علي الجرجاني (٢) وبعض لفظه.

١٠٣ - قوله تعالى: {مَا جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ}، روى ثعلب عن ابن الأعرابي قال: الجعل له معان في اللغة، يقال: جعل: صير، وجعل: أقبل، وجعل: خلق، وجعل: قال، ومنه قوله تعالى: {إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا} [الزخرف: ٣] (٣)، وقال غيره: صيرناه. ويكون الجعل بمعنى القول والحكم على الشيء، تقول: قد جعلت زيداً على الناس، أي: قد وصفته بذلك وحكمت به، ومنه قوله تعالى: {وَجَعَلُوا الْمَلَائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ إِنَاثًا} [الزخرف: ١٩].

وقال بعض أصحاب المعاني: جعل أحد الكلمات المشتركات التي هن أمهات الأحداث مثل: فعل وعَمِل وجعل وطفق وأنشأ وأقبل، إلا أن بعضها أعم من بعض، وأكثرها عموماً "فعل"؛ لأنه يقع على كل حركة من الإنسان قولاً أو عملاً أو هماً يهم به، والدليل على أنه يقع على القول قوله تعالى: {لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلَا آبَاؤُنَا} [الأنعام: ١٤٨] ثم قال:


(١) "تفسير الطبري" ٧/ ٨٦.
(٢) صاحب كتاب النظم، يأخذ عنه المؤلف كثيراً، وهو غير متوفر.
(٣) "تهذيب اللغة" ١/ ٦١٦ (جعل).

<<  <  ج: ص:  >  >>