للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقال الزجاج: (المعنى هذا فراق بيننا، أي: هذا فراق اتصالنا، وكرر "بين" تأكيدًا، ومثل هذا من الكلام: أخزى الله الكاذب مني ومنك) (١). قال ابن الأنباري: (ويجوز أن يكون "بين" هاهنا ظرف وموضعًا) (٢). فلما قال الخضر هذا أخذ موسى بطرف ثوبه فقال: حدثني. فقال الخضر: {سَأُنَبِّئُكَ} الآية (٣).

٧٩ - ثم فسر له فقال: {أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ} هذه الآية دلالة على أن الفقير أسوأ حالاً من المسكين؛ لأن الله تعالى أخبر أنهم كانوا مساكين مع أنهم كانوا يملكون سفينة وهي تساوى جملة من الدنانير (٤)، وذكرنا هذا عند قوله: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ} [التوبة: ٦٠] الآية، ويجوز أن تكون المسكنة هاهنا لم يعن بها الفقر وقلة ذات اليد، لكن أريد بها عدم الناظر وانقطاع الحيلة، كما يقال للذي يظلمه عدوه: مسكين فلان. يراد بالمسكين المستضعف المهتضم، وإن كان كثير المال واسع الملك.

ومن هذا الباب ما روي في الحديث: "مسكين لا زوجة له" (٥). يعني


(١) "معاني القرآن" للزجاج ٣/ ٣٠٤.
(٢) ذكر نحوه "التفسير الكبير" ٢١/ ١٥٨، "البحر المحيط" ٦/ ١٥٢، "روح المعاني" ١٦/ ٨.
(٣) "معالم التنزيل" ٥/ ١٩٣، "روح المعاني" ١٦/ ٨.
(٤) "معالم التنزيل" ٥/ ١٩٤، "المحرر الوجيز" ٩/ ٣٧٦، "النكت والعيون" ٣/ ٣٣٢.
(٥) أورده الهيثمي في "مجمع الزوائد"، كتاب: النكاح، باب: الحث على النكاح ٤/ ٢٥٢ وقال: رواه الطبراني في "الأوسط" ورجاله ثقا إلا أن أبا نجيح لا صحبة له. وابن الأثير في "جامع الأصول" كتاب: النكاح، باب: في الحث على النكاح والترغيب فيه ١١/ ٤٢٩، و"الترغيب والترهيب" للمنذري ٣/ ٦٧، وقال: ذكره =

<<  <  ج: ص:  >  >>