للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقال أبو إسحاق (١): اعلم أن الأسباب لا تنفع بغير أعمال صالحة، فعلى قول ابن عباس معنى (صلح): صدق وآمن ووحد، وعلى ما ذكر أبو إسحاق معناه: صلح في عمله.

والصحيح ما قال ابن عباس؛ لأن الله تعالى جعل من ثواب المطيع سروره بما يراه في أهله، حيث بشره بدخول الجنة مع هؤلاء، فدل أنهم يدخلونها كرامة للمطيع، ولا فائدة في التبشير والوعد به، إذ كل مصلح في عمله قد وعد دخول الجنة (٢).

وقوله تعالى: {وَالْمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ} قال ابن عباس (٣): يريد بالتحية من الله والتحفة والهدايا.

٢٤ - قوله تعالى: {سَلَامٌ عَلَيْكُمْ} قال أبو إسحاق (٤): المعنى يدخلون عليهم من كل باب يقولون: سلام عليكم، فأضمر القول هاهنا، لأن في الكلام دليلًا عليه.


(١) "معاني القرآن وإعرابه" ٣/ ١٤٧.
(٢) قلت: ويشهد لهذا قوله تعالى: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ} [الطور: ٢١]
وأخرج الطبري ١٣/ ١٤١، وابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد قوله: {وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ} من آمن في الدنيا.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن سعيد بن جبير قال: يدخل الرجل الجنة فيقول: أين أمي؟ أين ولدي؟ أين زوجتي؟ .. فيقال: لم يعملوا مثل عملك، فيقول: كنت أعمل لي ولهم، ثم قرأ {جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ} يعني من آمن بالتوحيد بعد هؤلاء {مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ} يدخلون معهم .. "الدر المنثور" ٢/ ١٥٨.
(٣) "زاد المسير" ٤/ ٣٢٥، والقرطبي ٩/ ٣١٢، و"البحر المحيط" ٥/ ٣٨٧، و"تفسير كتاب الله العزيز" ٢/ ٣٠٦.
(٤) "معاني القرآن وإعرابه" ٣/ ١٤٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>