دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ} [النحل: ٥] دلالة على أنها لا تصلح -إذ كانت للأكل والدفء- للركوب. وفي إجماع الجميع على أن ركوب ما قال تعالى ذكره {وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ} جائز حلال غير حرام، دليل واضح على أن أكل ما قال (لِتَرْكَبُوهَا) جائز حلال غير حرام. إلا بما نص على تحريمه، أو وضع على تحريمه دلالة من كتاب أو وحي إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فأما بهذه الآية فلا يحرم أكل شيء، وقد وضع الدلالة على تحريم لحوم الحمر الأهلية بوحيه إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وعلى البغال بما قد بينا في كتابنا كتاب "الأطعمة" بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع؛ إذ لم يكن هذا الموضع من مواضع البيان عن تحريم ذلك، وإنما ذكرنا ما ذكرنا ليدل على أن لا وجه لقول من استدل بهذه الآية على تحريم لحم الفرس" اهـ (١).
[خوضه في مسائل الكلام]
ولا يفوتنا أن ننبه على ما نلحظه في هذا التفسير الكبير، من تعرض صاحبه لبعض النواحي الكلامية عند كثير من آيات القرآن، مما يشهد له بأنه كان عالمًا ممتازًا في أمور العقيدة، فهو إذا ما طبق أصول العقائد على ما يتفق مع الآية أفاد في تطبيقه. وإذا ناقش بعض الآراء الكلامية أجاد في مناقشته.
وهو في جدله الكلامي وتطبيقه ومناقشته موافق لأهل السنة في آرائهم، ويظهر ذلك جليًا في رده على القدرية في مسألة الاختيار.
فمثلا عند تفسيره لقوله تعالى في آخر سورة الفاتحة آية (٧){غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ} نراه يقول ما نصه: "وقد ظن بعض أهل