للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِدًا} قال أبو إسحاق: (هذا يدل على أنه لما ظهر أمرهم غلب المؤمنون بالبعث والنشور؛ لأن المساجد للمؤمنين) (١). ومعنى: {عَلَيْهِمْ} هاهنا وفي قوله: {ابْنُوا عَلَيْهِمْ بُنْيَانًا} أنهم يجعلون وراء ذلك، كما يقال: بني عليه جدارًا، إذا حوطه وجعله وراء الجدار، وقد ذكر في قصتهم: (أن الملك جعل على باب الكهف مسجدًا يصلى فيه، وجعل عنده عيدًا عظيمًا، وأمر أن يؤتى كل سنة) (٢). وقد نسقت شرح هذه الآية على ما أمكن، والآية مشكلة الظاهر والنظم، والله أعلم بما أراد.

٢٢ - قوله تعالى: {سَيَقُولُونَ ثَلَاثَةٌ رَابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ} الآية. قال المفسرون: (إن نصارى نجران (٣) كانوا عند النبي -صلى الله عليه وسلم-، فجرى ذكر أصحاب الكهف، فقالت اليعقوبية (٤) منهم: كانوا ثلاثة رابعهم كلبهم. وقالت النسطورية (٥): كانوا خمسة


(١) "معاني القرآن" للزجاج ٣/ ٢٧٧.
(٢) ذكر نحوه البغوي في "معالم التنزيل" بلا نسبة ٥/ ١٦١، والسيوطي في "الدر المنثور" ٤/ ٣٩٢ وعزاه لابن أبي حاتم.
(٣) نَجْرَان: بفتح النون وإسكان الجيم: بين مكة واليمن، قيل: أول من عمرها نجران بن زيدان بن سبأ بن قحطان، وكان أهلها يدينون بالنصرانية، حتى فتحت سنة عشر صلحًا، وهي الآن مدينة من مدن المملكة العربية السعودية. انظر: "معجم البلدان" ٥/ ٢٦٦، و"معجم ما استعجم" (١٢٩٨)، و"تهذيب الأسماء واللغات" ٣/ ١٧٦.
(٤) اليعقوبية: فرقة من النصارى، منسوبون إلى يعقوب البرذعاني وكان راهبًا بالقسطنطينية، قالوا: إن المسيح هو الله نفسه -تعالى الله عما يقولون علوًّا كبيرًا- وإنه تعالى مات، وإن العالم بقي ثلاثة أيام بلا مدبر، ثم قام ورجع كما كان، وإنه عاد محدثًا وأن المحدث عاد قديمًا. انظر: "الملل والنحل" ص ٢٢٦ - ٢٢٧، و"الفصل في الملل والأهواء والنحل" ١/ ٤٩.
(٥) النسطورية: فرقة من فرق النصارى، منسوبون إلى نسطور، وكان بالقسطنطينة، قالوا: إن مريم لم تلد الإله، وإنما ولدت الإنسان، وإن الله تعالى لم يلد الإنسان =

<<  <  ج: ص:  >  >>