للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقوله تعالى: {وَأَخَذْنَا مِنْهُمْ مِيثَاقًا} قال ابن عباس: "يريد عهدًا مؤكدًا في النبي - صلى الله عليه وسلم -" (١).

١٥٥ - قوله تعالى: {فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ} (ما) ههنا صلة مؤكدة، ومعني التأكيد بها: تفخيم شأن ما دخلت عليه بتكثير اللفظ بها.

قال الزجاج: ومعنى (ما) التوكيد، أي: فبنقضهم ميثاقهم حقًّا. قال: الجالب للباء والعامل فيها قوله تعالى: {حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ} [النساء: ١٦٠] المعنى: بنقضهم ميثاقهم والأشياء التي ذكرت بعده حرمنا عليهم طيبات (٢).

وهذا القول حسن؛ لأنَّ هذه القصة امتدت إلى قوله: {فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا} وقوله تعالى: {فَبِظُلْم} وبدل وتفسير لما ذكر من قوله: {فَبِمَا نَقْضِهِم} و {وَكُفْرِهِمْ} و {وَقَتْلِهِمُ الْأَنْبِيَاءَ} و {وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى} وهذا كله ظلم من اليهود (٣).

وقال بعضهم: الجالب للباء محذوف، على تقدير: فبما نقضهم وكفرهم وقتلهم لعناهم وسخطنا عليهم. وهذا يُروى عن قتادة (٤). ويكون الدليل على هذا المحذوف قوله: {بَلْ طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ}؛ لأن الطبع على قلوبهم قد دل على معنى اللعن لهم والسخط عليهم. والقول هو الأول.

وباقي الآية إلى قوله: {بَلْ طَبَعَ اللَّهُ} قد سبق تفسيره فيما مضى من الكتاب (٥).


(١) "تنوير المقباس" بهامش المصحف ص ١٠٢.
(٢) "معاني القرآن وإعرابه" ٢/ ١٢٧.
(٣) انظر: "معاني القرآن وإعرابه" ٢/ ١٢٧.
(٤) أخرجه الطبري ٦/ ١١.
(٥) تقدم في مواضع من سورة البقرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>