للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقال ابن الأنباري معنى قوله: {وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ} أي: اذكروه بتوحيده كما ذكَرَكُم بهدايته (١).

وقوله تعالى: {وَإِنْ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِهِ} أي: من قبل هداه، فالهاء كناية عن الهدى لدلالة هدى عليه (٢)، وتأويله: ما كنتم من قبل إلا ضالين، كقوله: {وَإِنْ نَظُنُّكَ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ} [الشعراء: ١٨٦]، يعنى: ما نظنك إلا من الكاذبين (٣).

١٩٩ - قوله تعالى: {ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ} ذكرنا معنى الإفاضة.

و (حيثُ) حقُّها البناء؛ لأنها مُنِعَتْ الإضافةُ مع لزوم معنى الإضافة لها، ولمَّا لزمت معنى الإضافة إلى الجملة، صارت بمنزلة الأسماء الناقصة التي تحتاج إلى صِلَةٍ كالذي ونحوه، والاسم الناقص بمنزلة بعض الكلمة، وبعض الكلمة حرفٌ يستحق البناء، فأما بناؤها على الضم: فلأنها بمنزلة الغاية كقبلُ وبعدُ، من جهة أنها مُنِعت الإضافة، مع لزوم معنى الإضافة، ولو أُعربت لاستحقت النصب والجر فقط؛ لأنها ظرف، والظروف لا


(١) المصدر السابق.
(٢) واختاره الطبري ٢/ ٢٩١، وقيل: راجعة إلى الرسول - صلى الله عليه وسلم -، كناية عن غير مذكور، وقيل: راجعة إلى القرآن، ينظر: "تفسير الثعلبي" ٢/ ٥٦٦، "تفسير البغوي" ١/ ٢٣٠، "البحر المحيط" ٢/ ٩٨.
(٣) ينظر: "تفسير الطبري" ٢/ ٢٩١، "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٢٧٣، "تفسير الثعلبي" ٢/ ٥٦٦، "تفسير البغوي" ١/ ٢٣٠، "تفسير الرازي" ٥/ ١٩٥، وحكى الطبري وجها مفاده: أن إنْ بمعنى قد، والمعنى: وقد كنتم من قبل ذلك من الضالين، وهذا مذهب الكسائي كما في "البحر المحيط" ٢/ ٩٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>