للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} يعنى: مِنَ النَّصْرِ؛ مع طاعتكم النبي - صلى الله عليه وسلم -، وترك النصر؛ مع مخالفتكم ما أُمرتم به. وقال ابن عباس (١): يريد: على نَصرِكُم، وعلى اتِّخاذِ الشهداءِ منكم، وتعجيلِ أوليائهِ إلى الجَنَّةِ، قديرٌ.

١٦٦ - قوله تعالى: {وَمَا أَصَابَكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ فَبِإِذْنِ اللَّهِ} دَخَلَتْ الفاءُ في {فَبِإِذْنِ اللَّهِ} (٢)؛ لأن خبر (ما) التي بمعنى (الذي)، يشبه جواب الجزاء؛ مِنْ جهة أنه مُعَلَّقٌ (٣) بالفعل الذي في الصِّلَةِ، كتعلُّقِهِ بالفعل الذي في الشَّرْط. وقد شرحنا هذه المسألة عند قوله: {وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ} [البقرة: ١٥٨].

ومعنى قوله: {فَبِإِذْنِ اللَّهِ}: قيل: بِعِلْمِ الله (٤). وقال ابن عباس (٥): يريد: فبقضاء الله. وهذا أوْلَى؛ لأن الآية تَسْلِيَةٌ للمؤمنينَ مما أصابهم (٦)، ولا تَقَعُ التسليةُ إذا كان واقعًا بِعِلْمِهِ، وإنما تقع؛ إذا كان واقعًا بقضاء الله وقدره، فحينئذٍ يرضون بما قضى عليهم. وفي هذا دليلٌ على أن الكائنات كلَّها تقع على ما قضاه الله في الأزَلِ.

وقوله تعالى: {وَلِيَعْلَمَ الْمُؤْمِنِينَ}.

١٦٧ - {وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ نَافَقُوا} أي: لِيظْهرَ إيمان [المؤمنين] (٧)،


(١) لم أقف على مصدر قوله.
(٢) في (ج): (بإذن).
(٣) في (ج): (متعلق).
(٤) ممن قال ذلك الزجاج، في "معاني القرآن" ١/ ٤٨٨.
(٥) لم أقف على مصدر قوله. وقد أورده ابن الجوزي في: "زاد المسير" ١/ ٤٩٧.
(٦) في (أ): (أصابكم). والمثبت من: (ب)، (ج).
(٧) ما بين المعقوفين زيادة من (ج).

<<  <  ج: ص:  >  >>